العرب اليوم

بسمة القصار: نجاح المرأة تصنعه المبادرات لا المناصب

تململ الشابات ممن ما زلن في بداية حياتهن المهنية وتعبيرهن عن مللهن من العمل وعن رغبتهن في العمل في الوظائف الحكومية وليس في القطاع الخاص، وغياب من يرشدهن ويوجه طاقاتهن كان دافع الناشطة بسمة القصار للتحرك بحثا عن مظلة تساند المرأة الكويتية التي تتمتع بطاقات وابداعات وأفكار ولكن عدم تبنيها وتقديم العون والمشورة لها يجعلها تذهب هباء.
ولأن المرأة تشكل نصف المجتمع، واذا تراجعت عند أي ضغط او ظرف عن الانتاج فإنها ستشكل فجوة كبيرة تؤثر على اقتصاد البلد، خصوصا في غياب ريادة الأعمال والفهم الخاطئ لمعنى ريادة الأعمال وهي بخلق عمل وتنفيذه والاستمرار فيه وليس جلب أشياء موجودة في السوق وتقليدها وتسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكان لا بد من وجود جهة تقدم الخبرة والمساعدة والمشورة لتأسيس عمل ريادي ناجح، فكان منتدى مساندة المرأة الأول من نوعه في الكويت الذي أسسته القصار العام الماضي لدعم رائدات الأعمال.
تقول القصار إنه في الكويت ليس هناك رواد أعمال من الجيل السابق يمكن الاقتداء بهم بل هناك تجار ومهنة التجارة تختلف عن ريادة الأعمال، وبالتالي فإن الجيل الجديد في ريادة الأعمال ليست لديه قاعدة بيانات لأجيال سابقة يمكن ان يرجع اليها لمساعدته في مسيرته.
ومن هنا أتت فكرة تأسيس منتدى مساندة المرأة، فالكويت لا يمكنها ان تنتظر أجيالا بعد ليتعلم أبناؤها ريادة الأعمال، والتوجه نحو المرأة كان أساسيا بحكم ان الرجل لديه من يسنده وهو المجتمع وإنما المرأة مشكلتها الرئيسية المجتمع الذي لا يقدم لها العون لو أرادت ان تكون مبادرة ورائدة لأنه من الصعب ان يتقبل ان تكون المرأة في موقع نفوذ.
وبالفعل تم تأسيس أول منتدى في الكويت خاص بريادة المرأة في مجال الأعمال في مايو الماضي تحت عنوان «الاستدامة في ريادة الأعمال» بعد ان ثبت وفق الاحصائيات ان 2% فقط من النساء العاملات رائدات أعمال مقارنة بـ 7% من الرجال، وكانت ردود الفعل ايجابية حيث لم يكن منصة لعرض الانجازات وإنما لتقديم المشورة ومشاركة الحضور بالخبرة الايجابية والسلبية وعوامل الفشل والنجاح لنساء رائدات في مجال الأعمال.
ويعود المنتدى في نسخته الثانية يوم الأربعاء 2 نوفمبر في حديقة الشهيد وذلك تحت عنوان «صعود السلم الوظيفي»، حيث سيحاور المنتدى نساء كويتيات يشغلن مناصب قيادية في شركات محلية وشركات عالمية تعمل في الكويت.
ويهدف الى تحفيز الشابات على المثابرة في التطور في مسيرتهن المهنية عبر تعريفهن بالمتطلبات للنمو والتحديات والعقبات الشخصية أو الخارجية التي عليهن العمل على تخطيها بهدف تحقيق أهدافهن.
وسيتم تنظيم المنتدى بشكل دوري مرتين خلال العام وسيحمل عناوين تخدم المرأة المهنية والرائدة وصولا إلى جعله مستمرا عبر برنامج «المساند» الذي تطمح لتأسيسه لإعطاء النصيحة والارشاد على المدى الطويل للمرأة الرائدة ما يحتاج إلى دعم من الجهات الرسمية لضمان استدامته وتحويله إلى منظمة دائمة لخدمة المجتمع والاقتصاد المحلي.
\وعودة إلى باسمة القصار، فقد بدأت حياتها المهنية في سن مبكرة حين كانت طالبة في الجامعة ليس لأسباب مادية وإنما لأنها شعرت بأن لديها طاقات يجب ان تستغلها، فبدأت العمل في وزارة الإعلام في قسم الإذاعة حيث اكتشفت حبها وشغفها بالكتابة والتواصل مع الناس ومتابعة الأخبار.
انتقلت بعد تخرجها إلى مؤسسة البترول وعملت في ادارة الإعلام لمدة 9 سنوات تعلمت في بدايتها ما هو النفط والأهمية التي يشكلها بالنسبة للاقتصاد الكويتي، فحاولت نقل هذه الخبرات إلى الأطفال وطلاب المدارس ليكونوا على الاطلاع لما تشكله هذه النعمة من أهمية لهم، فأقنعت مسؤوليها بضرورة اصدار كتاب خاص بالأطفال حول النفط، فصدر الكتاب الأول تحت مسمى «نفطان» وعاونتها فيه كل من د. زهرة حسين والرسامة غادة الكندري، حيث تعتبره القصار أكبر انجاز في حياتها المهنية آنذاك بالرغم من بساطته.
وبعد النجاح الكبير لـ «نفطان» حيث طبع منه آلاف النسخ ووزعت على المدارس والمكتبات، طلب منها مسؤولوها اصدار كتاب آخر حول البيئة الكويتية، ففعلت ولاقى النجاح نفسه، فكانت بذلك تساهم بتأدية المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة دون ان تدرك ذلك ودون ان تكون هناك في المؤسسة آلية أو تسمية بهذا الشأن في ذلك الوقت.
تسلمت بعدها ادارة قسم المطبوعات والاصدارات في المؤسسة والتي تقوم بإصدار التقرير السنوي الذي يعتبر من أبرز التقارير الصادرة في الكويت ان لم يكن أبرزها، الا ان ذلك لم يشكل فرقا لديها نسبة لأهمية العمل الذي تقوم به، لأنها تؤمن بأن جميع الأعمال مهمة مهما كبرت أو صغرت.
ولأنها تعطي عملها كل طاقتها ووقتها، وجدت صعوبة في الموازنة بين حياتها العائلية بعد أن اصبحت أما، وبين عملها ونفسها، فاختارت الحل الأسهل وهو الاستقالة من عملها وهذا على حد قولها أسوأ قرار اتخذته في حياتها.
بعد فترة من الانقطاع عن العمل والتفرغ للأسرة، شعرت بحاجتها للعودة الى العمل واكتشاف ذاتها، فاستغلت خبرتها في المطبوعات والتواصل وأسست عملا خاصا بها عملت فيه لمدة 3 سنوات في صياغة وترجمة النصوص للشركات، وكان عملا ناجحا، الا ان عدم قدرتها على ادارة خدمة العميل والموازنة بين ما يريده وما يصح فعلا، جعلتها توقف هذا العمل بالرغم من نجاحه.
وجدت في القطاع الخاص فرصة مهمة لابراز مواهبها وطاقاتها، وأيقنت بان الإنسان يستطيع ان يخلق لنفسه عملا ولا ينتظر احدا لكي يقدمه له، وهذا ما تعلمته من عملها في بنك الخليج، المكان الذي ابدعت فيه وابتكرت وأسست وأدارت وظيفة جديدة لم تكن موجودة فيه، وهي ما يعرف باسم الـ «براندنغ» الذي يعتبر مسؤولا عن جميع المطبوعات الخاصة بالشركة وتوحيد شكل المعاملات والألوان الخاصة بشعار الشركة وكل ما يتعلق بهوية الشركة من هذه الناحية.
في هذه الفترة من الزمن وصلت الى مرحلة مهمة من النضوج المهني وتمكنت من الموازنة بين عملها وأسرتها وأبدعت في ذلك، وبدأت تبحث عن آفاق أخرى للعمل فوصلت إلى «كويت انرجي» وهي شركة تعمل بالشأن النفطي، وتسلمت ادارة قسم التواصل، ولكنها تركت العمل فيها بعد نجاح المنتدى الاول بهدف التفرغ الكلي لاعماله.
وبحكم عملها في هذه الشركة التي لديها علاقات وتواصل مع منظمات عالمية وإقليمية، لمست حجم الاهتمام بالمرأة هناك بعد مشاركتها في عدة فعاليات مع المدير التنفيذي للشركة م.
سارة أكبر، حيث تدعم المرأة في مختلف دول العالم لتكون ريادية وموجودة في مواقع اتخاذ القرار.
ما أثار حفيظتها عدم وجود منظمات مشابهة لتلك المنظمات في الكويت، فلدى المرأة الكويتية طاقات وابداعات وأفكار ولكن عدم تبنيها وتقديم العون والمشورة لها يجعلها تذهب هباء، مستذكرة ما حصل معها عندما اختارت ترك عملها بسبب عدم التوفيق بين كونها اما وامرأة عاملة، حيث تعتبر انه لو كان هناك من يرشدها ويدعمها لاستمرت في عملها دون توقف.
تجد القصار في أسرتها الداعم الأكبر لها من والدها الذي كان منفتحا محبا للعلم والقراءة إلى زوجها الذي يقف بجانبها بكل خطوة تخطو بها نحو النجاح او الفشل، فهو أحد أبرز أسباب نجاحها حيث ترى الفخر في عيونه ما يعطيها حافزا وراحة أكبر في اتقان العمل.
تؤمن بأن السؤال وطلب النصيحة من ذوي الخبرة وعدم التسرع من أبرز أدوات النجاح، كما تؤمن بأنه على المرأة المهنية أن تكون مبادرة حتى تنجح، ولو ضمن نطاق عملها يجب عليها ان تتخذ موقفا رياديا فليست المناصب من تجعلها ناجحة وإنما المبادرات

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: