العرب اليوم

المرأة السيوية : الخياطة والمشغولات اليدوية عادات وتقاليد متوارثة عبر الأجيال

تحقيق – شيماء وليد

“تتلي” تعبير يطلقه أهالي واحة سيوة بلهجتهم السيوية أو الأمازيغية على المرأة داخل مجتمعهم الصغير.

وقد قامت التقاليد والأعراف المتوارثة داخل تلك البقعة الخضراء التي تكسوها أشجار النخيل والزيتون وسط صحراء مصر الغربية بفرض نوع من الحصار على الـ”تتلي” .

تسبب الموقع الجغرافي الصحراوي والمسافات البعيدة لواحة سيوة التي تبعد قرابة 90 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية مع ليبيا وتبعد عن القاهرة مسافة 720 كيلومتراً تقريباً، تسبب الموقع بفرض بعض الظروف القاسية على نساء الواحة.

ونشأت عادات وتقاليد تنتقص من حقوق المرأة السيوية المشروعة كالتعليم والحرية في اختيار شريك الحياة المناسب والخروج إلى المجتمع.

ولكن البعض يرى أن الانتقاص من تلك الحقوق ميّزها عن بقية النساء داخل جمهورية مصر العربية.
فحدة الحرارة ورمال الصحراء ترجمها المجتمع إلى أفعال تجاه السيدات.

وإن كانت المرأة السيوية داخل مجتمعها الصغير هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن كل ما يدور داخل المنزل السيوي، إلا أن قيوداً كثيرة فُرضت عليها. وكان حرمانها من التعليم وزواجها المبكر وعدم خروجها من المنزل أقسى القيود التي فرضت عليها صعوبة.
وروت م. ف.، 25 عاماً وهي أم لخمسة أطفال، قصتها لرصيف22: “المرأة في سيوة لها مكانة عظيمة داخل الأسرة، فهي تصرّف أمور المنزل من مأكل وملبس ومشرب، وهذه مسؤولية كبيرة جداً.

فأنا لم أكمل تعليمي، توقفت عند المرحلة الإعدادية كجميع الفتيات داخل الواحة، جميعنا لنا مهمة مقدسة هي التهيئة لتحمّل المسؤولية وتكوين أسرة، وهي المهمة الأسمى في نظر الجميع هنا. هنالك تحديد للمهمات التي يقوم بها كل من المرأة والرجل. وعلى الرجل واجب إعالة الأسرة”.

وأكملت م. ف. أنها برغم رغبتها في إكمال تعليمها إلى مرحلة أعلى، والحصول على درجة علمية، فإنها تقدر طبيعة المجتمع والظروف المفروضة عليها، لأنها تمثل وجودها وتاريخها وأصلها الذي ميّزها عن بقية النساء داخل محافظات مصر.
غردابنة شيخ القبيلة تدخل الجامعة ولكن بنات الناس العاديين ممنوعات من ذلك

وفي السياق نفسه، قالت س. ف.، 16 عاماً، إنها “انتهت لتوها من دراستها في المرحلة الإعدادية، وتتهيأ لزفافها في مطلع الشهر المقبل”.

واعتبرت أن “الفتيات داخل سيوة لا يكملون تعليمهم الثانوي، ولا يلتحقون بالجامعات نتيجة بعد الأخيرة عن الواحة”. فأقرب جامعة تبعد قرابة 600 كم ويستغرق الوصول إليها ستّ ساعات.
وروت أن “الفتاة تواجه عقبات عدّة تبدأ من أفراد العائلة، وصولاً إلى مشايخ القبيلة. إذا تبادرت إلى ذهنها فكرة إتمام تعليمها أو الحصول على شهادة جامعية. في هذه الحالة، يظهر التعصب القبلي ويقول لها الجميع: “عندناش بنات تفل خارج واحتنا” متذرّعين بأن ذلك خطر عليها.
وقالت ليلى، وهي الوحيدة في سيوة التي أكملت تعليمها الجامعي وحصلت على درجة الماجيستير في الصيدلة، أنها مثل بقية الفتيات التحقت بالمدرسة الابتدائية، ثم انتقلت إلى المرحلة الإعدادية التي غالباً ما تكون نهاية المطاف”.

وأضافت: “لكن عندما أحببت إتمام دراستي، تحدثت مع والدي وهو ذو مكانة اجتماعية ويعد أحد شيوخ القبائل في الواحة.

في البداية واجهت اعتراضات جمة وذلك لأن عادات المجتمع هنا نظراً إلى صغره والوضع الذي نعيشه، لا تسمح بخروج الفتيات من المنزل بعد زواجها، فما هو الحال إذا كان الهدف الذهاب إلى التعليم خارج الواحة بأسرها؟ ولكن بعد صراع التحقت بكلية الصيدلة عقب إقناع والدي بأنني سأقدم خدماتي إلى أهل الواحة ولن أعمل خارجها”.
ولفتت ثريا، 19 عاماً، إلى أن “الفتيات يمكنهنّ العمل في مشروعات خاصة بهنّ، تختلف مجالاتها بين صناعة الأواني الفخارية والمنسوجات اليدوية كالسجاد اليدوي”.

وتقوم بعض الفتيات بأعمال الخياطة والمشغولات اليدوية السيوية داخل منازلهنّ وذلك للحفاظ على هوية متوارثة عبر الأجيال، ومنها على سبيل المثال صناعة “الناشيراح” (زي العروس السيوية)، وهي تتطلب جهوداً ودقة عالية ولا يستطيع إتقانها سوى الفتاة السيوية. و”هذا يعني أن المرأة تعمل، ولكن وفق الظروف التي طوعتها لها البيئة والتقاليد المجتمعية”، في رأي ثريا.

وقال عبد الله كيلاني، عضو رابطة شباب سيوة، إن “الواحة كغيرها من المناطق التي يخضع أبناؤها للتقاليد والأعراف القبلية، لم تترك للمرأة مساحة كبيرة للخروج من المنزل، خصوصاً بعد سن البلوغ، إذ يقوم رب الأسرة بتوفير جميع الحاجات الخاصة بها وتلبية جميع مطالبها، ولذلك لا تخرج من المنزل ولا يراها أحد”.

أما عدم خروجها للتعلّم فذلك في رأيه “حماية لها لأنها غير قادرة على التصرف في المواقف الصعبة، نتيجة لعدم احتكاكها بالمجتمع الخارجي من قبل”.

111

_ز_____è__

1

الصحفية – شيماء وليد

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: