احذروا رد فعل «ترامب» المقبل! .. بقلم عماد الدين أديب

يعيش الرئيس الأمريكى -الآن- أصعب أيامه الانتخابية فى سباق تجديد الرئاسة.

منذ مائة يوم والموقف الداخلى والعالمى، تحول بشكل تراجيدى مفاجئ إلى مسارات وتحولات شديدة السلبية على مستقبل «ترامب» السياسى.

كورونا، الصدام مع الصين، الأزمة الاقتصادية، الصدام مع حكام الولايات، التوتر المخيف مع وسائل الإعلام، الإخفاق فى إدارة ملف الرعاية الصحية، كلها عناصر مهدّدة لحملة الرئيس.

لا يوجد لدى «ترامب» أى ملف يحمل عنواناً خاصاً به، بمعنى أن كل الملفات داخلية أو خارجية، سياسية أو اقتصادية، إعلامية أو اجتماعية، كلها تحت عنوان واحد كبير اسمه الانتخابات الرئاسية.

منذ أول ديسمبر الماضى وحتى شهر نوفمبر المقبل، الرئيس الأمريكى لا يسمع ولا يتكلم ولا يفكر ولا يعمل إلا تحت مشروع واحد وحيد وهو معركة تجديد الرئاسة.

من هنا يمكن فهم، وتفسير، وتحليل كل تصريح وكل فعل يقوم به «ترامب» من منظور هل هذا القول أو الفعل يفيد أم يضر مشروعه فى الفوز بفترة رئاسة ثانية أم لا؟

الذى زاد على هموم الرئيس مؤخراً هو 3 أمور إضافية تفاعلت مؤخراً، وهى:

1 – واقعة قتل شرطى أبيض فى ولاية «مينوسوتا» لشاب من أصل أسود بشكل مستفز وعدوانى أمام كاميرات التصوير، مما أدى إلى ثورة على وسائل التواصل الاجتماعى، انتقلت إلى أعمال عنف ومصادمات فى عدة ولايات.

2 – خلاف حاد بين الرئيس و«تويتر» وصل إلى حد التحدى الحاد بين رئيس الولايات المتحدة وواحدة مع أقوى وسائل التواصل الاجتماعى فى العالم.

3 – تعدى عدد الوفيات فى الولايات المتحدة من جراء كورونا رقم المائة ألف وخمسة آلاف والإصابات إلى مؤشر المليون، مما بدأ يطرح السؤال الكبير الذى يستغله الحزب الديمقراطى المنافس، والإعلام المُستفز والمعادى لـ«ترامب»، وهو: «مدى مسئولية الرئيس وإدارته عن تدهور نتائج التعامل مع هذه الأزمة؟».

وظهر ذلك فى الخلاف غير المسبوق، أى فى الصفحة الأولى لجريدة «نيويورك تايمز»، التى نشرت صفحة تاريخية تحتوى على أسماء المائة ألف اسم لمائة ألف متوفى من جراء جائحة كورونا فى صفحتها الأولى كوثيقة احتجاج واعتراض على إدارة «ترامب».

من هنا سوف نلاحظ فى المرحلة المقبلة صراعين يتحركان بقوة ضد بعضهما:

الأول من إدارة «ترامب» التى سوف تسعى لتخفيف آثار كورونا، وتحويل الأنظار عن مسئوليتها عما حدث، وتوجيه الاتهام للصين ومنظمة الصحة والمعارضة الديمقراطية والإعلام المعادى.

وسوف نلاحظ حرص قيام إدارة «ترامب» -بكل ما أوتيت من قوة- على أن تنقل البلاد من اقتصاد الأزمة والانغلاق إلى اقتصاد الانفتاح الجزئى والنشاط بأسرع وقت.

والكارثة الجديدة التى تهدد حملة «ترامب» هى مظاهرات الغضب ضد «عنصرية الشرطة»، وتحولها من حالات فردية إلى مظاهرات ضد سوء الإدارة وحكم الجمهوريين و«ترامب» شخصياً.

لذلك نلاحظ فرحة «ترامب» الهستيرية بالبيانات الرسمية التى أعلنت دخول 2.5 مليون وظيفة جديدة لسوق العمل خلال شهر مايو والتباهى بها وكأنها إنجاز له رغم أن هذا الأمر منطقى وطبيعى بعد 6 أسابيع من الحظر والتعطل الشامل.

هنا لا بد دائماً وأبداً إدراك أن كل قرارات وتصريحات، ومواقف دونالد ترامب هى سلوك انتخابى موجه تجاه قاعدته الانتخابية المخلصة، وهى التيار الدينى اليمينى المتشدّد المعروف بـ«الحزام الإنجيلى».

«الحزام الإنجيلى» هو تعبير عن القوى المسيحية البيضاء من الطائفة البروتستانتية، التى تعتقد فى نفسها نموذج النقاء العرقى والصفاء المسيحى.

الحزام الإنجيلى ضد الأقليات ذات الأصول الأفريقية أو الآسيوية أو اللاتينية، بمعنى: ضد الأسود والأصفر والأسمر. وضد كل من هو ليس مسيحياً، وليس من الطائفة ذاتها.

ويتحالف هؤلاء مذهبياً وفكرياً مع تنظيم «الآيباك» المعبر عن المصالح اليهودية الإسرائيلية الصهيونية الأمريكية.

وليس غريباً أن يكون الآيباك هى أول وأهم منظمة قدم لها المرشح ترامب والمرشح مايك بنس (نائب الرئيس الحالى) أوراق اعتمادهما فى 2015 قبل تولى المسئوليات عام 2016.

كل من «ترامب وبنس» تعهدا عهداً صلباً حديدياً لا فكاك منه بدعم إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.

من هنا أيضاً يمكن فهم حرص «ترامب» على قيامه ليلة الاثنين الماضى بالتقاط صورة له مع مساعديه، أمام الكنيسة التى تم حرقها أمام البيت الأبيض، حاملاً فى يده «كتاب الإنجيل المقدس»، محاكياً بذلك تيار اليمين الدينى المتشدد.

ومن هنا يمكن فهم حرص «ترامب» على أن يكون خطابه تجاه المتظاهرين الذين يدرك أنهم لن يكونوا أبداً من أنصاره، وتوجه به إلى قاعدته من التيار الإنجيلى اليمينى الكنسى، وهم أنصاره التقليديون.

كان «ترامب» بحاجة شديدة لفعل ذلك بعدما أثبتت الإحصاءات الأخيرة أن شعبيته لدى التيار المسيحى الأبيض البروتستانتى هبطت بنسبة 11٪ وهبطت لدى المسيحى الكاثوليكى بنسبة 14٪!

شعبية مضادة للنظام ككل ولسياسات «ترامب» وحزبه الجمهورى فى زمن انتخابات رئاسية وانتخابات تجديد للكونجرس، ومجلس النواب وحكام 13 ولاية فى آن واحد.

الصراع الثانى هو مسار الحزب الديمقراطى الذى يريد استغلال كل شىء وأى شىء يضر بمكانة وفرص وحظوظ «ترامب» الانتخابية، لذلك سوف يسعى إلى التركيز على:

1 – مسئولية «ترامب» عن ضحايا الكورونا.

2 – مشاكل تدهور الاقتصاد وزيادة البطالة.

3 – عنصرية إدارة «ترامب» التى خلقت «بيئة مواتية ومشجعة» لاضطهاد الأقليات، على حد قولهم.

4 – تسخين وتأجيج الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى ضد «ترامب» وإدارته.

إن إدارة «ترامب» ككل، والرئيس كشخص، تواجه أعلى درجات الارتباك والتوتر السياسى، والضغوط الإعلامية والشعبية منذ أن تولى «ترامب» الحكم فى 20 يناير 2016 مما يجعله قابلاً بشدة لعمل قرارات عصبية غير محسوبة فى الداخل والخارج.

الخوف كل الخوف، فى ظل هذا التوتر العالى الضغط أن يؤدى إلى حماقات سياسية انفعالية خطرة ومدمرة فى الداخل أو الخارج.

ردود فعل «ترامب» تجاه خسائر كورونا قد تكون تكلفتها أكبر بكثير من كورونا نفسها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: