مصر: 120 عالمًا ومفتيًا ووزيرًا يطالبون بتشريع دولي يُجرم التمييز ضد المسلمين في الغرب

طالب ما يقرب من 120 عالما ومفتيا ووزيرا من 35 دولة عربية وإسلامية أمس، بتشريع دولي يُجرم الاعتداء الطائفي ضد الأقليات المُسلمة، كما يجرم التمييز ضدهم على أساس الدين في الغرب. وأوصى العلماء، خلال مشاركتهم في فعاليات مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية السادس والعشرين، الذي عُقد بمدينة أسوان أمس، تحت عنوان “دور المؤسسات الدينية في العالمين العربي والإسلامي في مواجهة التحديات”، بضرورة مُراجعة الآليات التي تُستخدم في تناول الخطاب الديني سواء للأفراد أو المؤسسات، لتلافي سلبيات الخطاب، دون تهويل أو تهوين.

وأثار، لأول مرة، غياب أي تمثيل رسمي لمشيخة الأزهر في المؤتمر الذي عُقد أمس برعاية وزارة الأوقاف، تساؤلات عن العلاقة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، في ظل ما يردده البعض بوجود توتر بين الأزهر والأوقاف، لكن مصدرا مُطلعا في مشيخة الأزهر قال إن “الدكتور الطيب شيخ الأزهر تغيب عن المُشاركة في المؤتمر، بسبب ارتباطه بجولة أفريقية للسنغال ونيجيريا، أعلنت عنها المشيخة في بيان رسمي مطلع الأسبوع الجاري، في أولى جولات الطيب إلى أفريقيا منذ توليه مشيخة الأزهر”، لافتا إلى أنه “من المُقرر أن يُوجه الدكتور الطيب في زيارته إلى السنغال ونيجيريا خطابا إلى شعوب القارة الأفريقية والمسلمين في جميع أنحاء العالم”، مضيفا أن “كثيرا من علماء جامعة الأزهر وبعض قيادات من المشيخة شاركوا بالفعل في مؤتمر أمس بمناقشات وأبحاث وفي الفعاليات، وأنه لا يوجد أي خلاف كما يدعي البعض”.

وأقيم المؤتمر تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحضر فعالياته التي تستمر على مدى يومين في مدينة أسوان جنوب البلاد، عديد من الرموز الدينية والدعاة الرسميين، وأعضاء مجلس النواب.

وتصدر عن مؤتمر الأوقاف، اليوم “الأحد”، وثيقة تؤكد “ضرورة مُراجعة الذات والآليات التي تستخدم في تناول الخطاب الديني سواء للأفراد أو المؤسسات، للوقوف على الجوانب الإيجابية والعمل على تعزيزها وتنميتها، فضلا عن معرفة المشكلات والسلبيات للعمل على حلها وتلافيها دون تهويل أو تهوين”.

وشارك في فعاليات المؤتمر وزير الأوقاف، ومفتي مصر شوقي علام، ومحمود الشريف وكيل مجلس النواب، وأسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، ومجدي حجازي محافظ أسوان.

وقالت الوثيقة، التي يصدرها المؤتمر “الأحد”، إن “الجماعات الإرهابية المُتطرفة تهدد الأمن القومي العربي والسلم العالمي، ولهذا لا بد من التعاون الدولي لمحاصرتها وعلاج أسبابها”. وأشارت إلى «ضرورة حل المشكلات التي تمر بها الأمة العربية، التي منحت الفرصة للجماعات الإرهابية وفي مقدمتهم “داعش” لطرح مفاهيم وآراء مغلوطة للقتل والترويع والعنف في أوروبا، وتم ربطها بالدين الإسلامي، ما دعا إلى انتشار “ظاهرة الإسلاموفوبيا” في الغرب ضد المسلمين”.

وأكدت الوثيقة “أهمية عقد المؤتمرات الإسلامية والعربية، سواء من حيث بناء جسور التواصل بين علماء الأمة ومفكريها ومؤسساتها الدينية، أو من حيث تفعيل توصيات هذه المؤتمرات على أرض الواقع مصريا وإقليميا ودوليا، أو من حيث شرح هذه التوصيات، وإخراج بعض البحوث إلى عالم النور، لتكون زادا معرفيا وثقافيا كبيرا مع ترجمة بعضها ونشرها على نطاق واسع”.. فضلا عن “تفعيل دور المؤسسات الدينية من خلال مناقشة محاور المؤتمر، التي تُركز على أهمية العمل المؤسسي لتلك المؤسسات والتنسيق مع المؤسسات التعليمية والثقافية والتعليمية والاجتماعية، مع استعراض واقع المؤسسات الدينية الدعوية، وحاجات المجتمع إليها والمؤسسات الدينية البحثية ومؤسسات الإفتاء، ومتطلبات تعزيز دورها وتعدد المنتديات الدينية وتداخلها”.

واعتبر وزير الأوقاف جمعة، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أمس، أن “المؤتمر يُسهم إسهاما جادا في دعم جهود المؤسسات الدينية في مواجهة التحديات، وبخاصة تحديات التطرف والإرهاب، كما يُسهم وغيره من المؤتمرات في تصحيح مسار هذه المؤسسات ورغبتها الجادة في التجديد والتطوير والإصلاح من غير إفراط ولا تفريط”. مضيفا أن “ظاهرة الإسلاموفوبيا” واضطهاد بعض الجماعات اليمينية المتطرفة للمسلمين أو محاولات النيل منهم أو الاعتداء على دور عبادتهم كل ذلك يدعم الفكر المتطرف، مما يتطلب التأكيد على عدم ربط الإرهاب بالإسلام، وتوضيح ذلك للعالم كله بلغاته المختلفة، والعمل على استصدار تشريع دولي يجرم الاعتداء الطائفي ضد المسلمين أو الأقليات الإسلامية، كما يجرم التميز ضدهم على أساس الدين”.

ويرى مراقبون أن تنظيم داعش الإرهابي الذي يستهدف دولا من أوروبا بعمليات انتحارية خاطفة، نجح في تكوين خلايا صغيرة له في أوروبا تتبنى أفكاره المُتطرفة، الأمر الذي دعا جماعات مُتطرفة في الغرب تتهم الإسلام بالعنف وتستهدف الأقلية المسلمة في الغرب.

وتوعد «داعش» في فيديو مصور مؤخرا، الغربيين بهجمات “تنسيهم” – على حد زعمه – هجمات نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر “أيلول” وباريس، وذلك عقب تنفيذ عملية إعدام خمسة “مرتدين” عراقيين، قتلهم بالرصاص خمسة من متطرفيه، يتقدمهم مُتشدد ناطق بالفرنسية.

وشدد وزير الأوقاف المصري على أن ما تقوم به بعض الجماعات المُتطرفة من تشويه لصورة الإسلام وحضارته الراقية من خلال ممارسة العنف والتفجير والتخريب وسفك الدماء وترويع الآمنين، كل ذلك لا يمت لا للإسلام ولا للأديان ولا للإنسانية بأي صلة أو صفة، ذلك أن جميع الأديان السماوية تجمع على حرمة سفك الدماء وحرمة الفساد والإفساد في الأرض أو أكل أموال الناس بالباطل أو الاعتداء على أعراضهم.

وأشار مفتي مصر إلى أننا “نحن الآن بصدد تحدٍّ كبير ونقطة فارقة في مواجهة التحديات ومواجهة الإرهاب”، مضيفا أن الخطاب الديني المُعتدل تسهم فيه المؤسسات الدينية إسهاما كبيرا، وذلك لأن القضايا الكبيرة لا تؤخذ بالرأي الفردي، وإنما يكون رأي الجماعة.

وقال المفتى، إننا أمام مسؤولية، ونحن أمة بناء، ونحتاج إلى نقد ذاتي لا يجعلنا نخشى أن نصرح به مهما قال عنا الآخرون ما يقولون، مشيرا إلى أنه لا عصمة لمن سبقونا في اجتهاداتهم، وقد عالجوا أمورهم حسب ظروفهم، حيث من الضرورة أن نستفيد منهم بينما نحتاج إلى قاعدة جديدة لحياتنا في أمورنا.

ورأى الشريف وكيل مجلس النواب المصري، أن “رعاية الرئيس السيسي للمؤتمر تُعد دعما كبيرا لهذا المؤتمر، في ضوء اهتمام الرئيس بتجديد الخطاب الديني ومواجهة الفكر المتطرف”، مشيرا إلى دور العلماء المستنيرين في مواجهة هذا التطرف الفكري، وتفنيد أباطيله، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح، لافتا إلى أنها أمانة ثقيلة تتطلب التعاون والتنسيق، وتضافر جهود جميع المؤسسات الدينية والإنسانية في مواجهة التحديات، وهذا الخطر الداهم الذي يتهدد الجميع، ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له، مما يتطلب توحيدا للجهود واصطفافا إنسانيا في مواجهته.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: