المحامية دلال الملا

احذروا غزو الزواج العرفي.. ومخاطرة – بقلم المحامية دلال الملا

أوجب القانون الكويتي توثيق عقد الزواج وتسجيله كتابة وحرص المشرع الكويتي في ذلك على إتباع إجراءات معينة صيانة للحقوق وحفظها من الضياع وحتى يكون لهذا العقد القوة والهيبة .
ورغم وضوح وصراحة النصوص القانونية بضرورة تسجيل عقد الزواج إلا أن بعض الأفراد يبرمون عقد الزواج دون تسجيل وهو ما يعرف بالزواج العرفي للتحلل من المسئولية وعدم الإنفاق على المرأة وكذلك لانعدام الثقافة القانونية عند البعض وعدم التوعية بالمخاطر الناجمة عن عقد الزواج غير الموثق .
لذلك كان من واجبنا المهني كقانونين وانتمائنا إلى هذه الأرض الطيبة وخوفنا على أبنائنا توضيح هذه الأمور التي يتحرج الكثير عن الإفصاح والتحدث عنها فيجهل الكثير الإطار القانوني لمثل ذلك العقد والآثار القانونية المترتبة عليه وخاصة في حالة لجوء بعض الرجال إلى التحايل والتلاعب بالفتيات في إطار الزواج العرفي فيقومون بإبرام ذلك العقد دون ولي أو شهود فتهتز أركان وشروط صحة العقد فيعتبر عقد باطل وهم في حقيقة الأمر يقيمون علاقات جنسية محرمة ومؤثمة مع المرأة لأنهم في الأصل لا يبرمون هذا العقد كباقي العقود على شروط وأركان لصحة انعقاده ولكن يقومون بإبرام ذلك العقد شفاهة أو كتابة بدون توثيق ودون موافقة الولي وبدون حضور شهود مجلس العقد وذلك بقصد الاستمتاع وفظ الغرائز الجنسية وبعدها تتحمل الفتاة وحدها مسئولية ذلك الزواج وخصوصا إذا حصل حمل ورفض الرجل الاعتراف به هنا الفتاة تكون في صراع نفسي شديد وخوف من الأهل لأنهم يعتبرونه خطيئة ولا يعترفون بمثل هذا الزواج أو يعتبرون كتمانه خطيئة ولذلك فإنها  ستتحمل المسئولية والفضيحة معا .
وقد تلجأ الفتاة في هذه الحالة إلى القيام بإجهاض نفسها وممكن أن يؤدي ذلك بحياتها لخطورة الإجهاض على المرأة ولأن الإجهاض ممنوع شرعا و قانونا فإن الكثير يلجئنا إلى القيام به بسرية وممكن تجهض المرأة نفسها بنفسها وبمفردها لخوفها من أهلها ولمعاقبة القانون على هذا الفعل
حيث نصت المادة 176 من قانون الجزاء على أنه :
كل امرأة حامل تناولت عقاقير أو مواد أخرى مؤذية أو استعملت القوة أو أية وسيلة أخرى قاصدة بذلك إجهاض نفسها فأجهضت أو سمحت للغير بإجهاضها على الوجه السالف الذكر تعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين .
فالزواج العرفي في حقيقته زواج شرعي إلا أنه غير موثق ويجب أن تتوافر فيه جميع أركان وشروط عقد الزواج من توافر الرضا ( الإيجاب والقبول ) ووجود الولي و الصداق  والشهود كما يشترط لصحة الزواج ألا تكون المرأة محرمة على الرجل تحريما مؤبدا أو مؤقتا حتى يصح انعقاده والزواج العرفي حتى لو اكتملت أركانه وشروطه فإنه يجب الإشهار حتى تحفظ الحقوق وحتى لا تكون هناك جرائم شرف .
إلا أن القانون الكويتي لا يجيز الزواج العرفي ولا يعترف به ويعتبره عقد باطل إلا أنه من الناحية العملية فإنه يعتد به في بعض الحالات وخصوصا في حالة أن أبرم عقد زواج عرفي بين رجل وامرأة وحملت المرأة فإن القانون الكويتي يعترف بهذا الزواج ويثبت الزوجية ونسب الولد خوفا على ألا يتضرر الطفل ولا يعتبره ابن زنا وفقا للاستثناء الوارد على الأصل بنص المادة 92 من قانون الأحوال الشخصية والتي تنص على أنه :
لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية أو سبق الإنكار اقرار بالزوجية في أوراق رسمية ويستثنى مما ذكر ما إذا كانت سببا لدعوى نسب مستقل أو نسب يتوصل به إلى حق آخر ويكون الحكم بالنسب في ذلك حكما بالزوجية تبعا ولا تسمع دعوى الزوجية إذا كان سن الزوجة تقل عن خمس عشرة سنة أو سن الزوج عن سبع عشرة سنة وقت رفع الدعوى .
فإظهارا لشرف عقد الزواج ومنعا لمفاسد جمة فقد تدعى الزوجية زورا ابتغاء الحصول على جنسية أو غرض آخر اعتمادا على إثباتها بالشهود فلهم أن يشهدوا في الزواج وقد يجحد الزواج الصحيح ولا إثبات عليه وتفادي ذلك كله إنما يكون بإثبات هذا العقد بوثيقة رسمية ويعتبر في حكم الوثيقة الرسمية الإقرار بالزواج الثابت في ورقة رسمية ومنع القضاء من سماع الدعوى التي لا يمكن اثباتها بتلك الأوراق وفي الأحوال المذكورة ويستثنى مما ذكر دعوى الزوجية المقصود منها اثبات النسب سواء أكانت دعوى نسب مستقل أم نسب يقصد به ثبوت حق آخر كالنفقة أو الإرث .
كما نشير إلى مسألة وهي مدى شرعية عقد الزواج بدون ولي فالبعض يوهم المرأة البالغة العاقلة بأنها تستطيع إبرام عقد الزواج بنفسها دون ولي عملا بمذهب الإمام أبي حنيفة ونرد على ذلك بأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بطاعة أولي الأمر قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) سورة النساء آية 59 وبما أن المذهب المالكي هو المعمول به في دولة الكويت في قضايا الأحوال الشخصية ولإثبات عقد الزواج فإننا نعمل به وهو لا يعتد بهذا الزواج ويعتبر عقد الزواج بدون ولي عقد باطل إلا في حالات خاصة ولأسباب معينة .
وفي الزواج العرفي الرجل في الغالبية لا يريد الالتزام وتحمل مسئولية هذا الزواج أو الاعتراف بهذا الزواج لأسباب عديدة أهمها : الحصول على المتعة من دون تحمل المسئولية والإنفاق على هذه الزوجة وفي حالات كثيرة يخاف وخصوصا إذا كان متزوج أن تطلب زوجته الأولى الطلاق أو ترفع عليه دعاوى نفقات وهذا سيكلفه مبالغ كبيرة
كما أن القانون أعطى للمرأة حق السكن في حالة أن كانت حاضنة فلها الحق أن تسكن معه بمسكن الزوجية فكيف له أن يتزوج بأخرى ويضعهما في منزل واحد وحاليا القانون حل هذه المشكلة لبعض الحالات التي تتوافر بهم شروط معينة حيث تتنازل الزوجة عن حق السكن وتأخذ مبلغ القرض الإسكاني وتسكن في منزل خاص بها ومع أبنائها  كما أن هناك من يخاف على مركزه الاجتماعي أو الاقتصادي فلا يستطيع اشهار هذا الزواج  لهذه الاعتبارات .
إذن الزواج العرفي لا يقصد به بناء أسرة بيت وأولاد واستقرار وإنما يقصد به فقط الاستمتاع بالمرأة واللذة الجنسية وهو يسترق الساعات إليها وفي الغالبية لن يكون لها بيت زوجية فهي ستكون زوجة عند الطلب أو (هوم دليفاري ) وبعد فترة عندما تجده يتجاهل مشاعرها وقد تملل منها وتجد نفسها بلا حقوق وكرامة كزوجة بعقد زواج غير موثق فإنها ستطلب الطلاق وهنا قد يتعسف الرجل في إيقاعه فهنا المرأة ستكون كالمعلقة لن تستطيع الزواج من غيره لأنها لن تستطيع بالأصل إثبات زواجها في حالة أن أنكر فكيف تستطيع أن تطلب الطلاق.
وفي أمر غاية الأهمية في حالة المسائلة القانونية على العلاقة القانونية التي تربطهم هل سيعترف الرجل بهذا الزواج العرفي ولو اعترف وأقر ولم يوافق الولي ففي هذه الحالة علينا أن نفرق بين حالتين :
الحالة الأولي حالة ان كانت الفتاة قاصر فإنه ستطوله  يد القانون وسيتعرض للمسائلة القانونية تحت سقف المادة 187 ، 188 من قانون الجزاء مواقعة قاصر حيث أن القانون لا يعتد ولا يأخذ برضاء القاصر في هذه الحالة حتى ولو كانت راضية فإن العقوبة الجنائية ستطوله لأنه يجب موافقة وليها وإلا اعتبرت جريمة مواقعة قاصر
وفي الحالة الثانية : حالة المرأة البالغة والموافقة على مواقعتها حيث تنص المادة 194 من قانون الجزاء على أنه :
كل من واقع امرأة بلغت الحادية والعشرين برضاها ولم تكن محرمة منه وضبط متلبسا بالجريمة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ولا تقل عن ستة أشهر ويحكم بالعقوبة نفسها على المرأة التي رضيت بهذا الفعل.

فإن القانون في هذه الحالة سيخيره فإذا أراد الزواج منها رسميا يقوم بالزواج منها وينفذا كليهما من العقوبة بشرط عدم طلاقها في مدة معينة حددها القانون فالقانون سمح بذلك للمحافظة على سمعة وشرف العائلات.
وفي حالة شديدة الحساسية وخصوصا على الزوجة المخلصة والمطيعة لزوجها وقد حدثت لعدد من الزوجات ليس بقليل حيث أن الزوجة تتفاجأ أن زوجها قد تزوج عليها بأخرى زواجا عرفيا ولم يعلمها خوفا من المشاكل وخوفا على مشاعر أبنائه وعلى استقرار أسرته .
فإنني من وجه نظري لا أوفقه على ذلك وخصوصا في حالة وجود الأبناء وفي حالات كثيرة يقوم الرجل بإبرام عقد الزواج العرفي وعند حمل المرأة يقوم برفع دعوى اثبات زواج ويتم حضور الزوجين والولي ويثبت زواجهما أمام المحكمة وبعدها لايقوم بتسجيله وعندما يكبر الأبناء ويستعدون لدخول المدارس ويحتاج إلى توثيق العقد يدخله المحكمة لتسجيله بإدارة التوثيقات الشرعية والزوجة الأخرى لاتعلم شيء عن ذلك العقد وكذلك الأبناء مما يترتب عليه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية لعدم إمكانية تطبيق شرع الله من صلة للأرحام وحتى لا يحدث اختلاط في الأنساب خصوصا إذا ما توفى الرجل والمرأة تكون حامل ففي هذه الحالة توجد إشكالية من الصعب إثبات النسب والزوجية في تلك الحالة  .
القانون لا يحمي المغفلين
توجد قاعدة قانونية تقرر “عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون”
إذن  هناك أمر في غاية الأهمية في حالة المسائلة القانونية على العلاقة القانونية التي تربطهم ( الرجل بالمرأة ) هل سيعترف الرجل بهذا الزواج العرفي ولو اعترف وأقر ولم يوافق الولي  ففي هذه الحالة علينا أن نفرق بين حالتين :
الحالة الأولي حالة ان كانت الفتاة قاصر فإنه ستطوله  يد القانون وسيتعرض للمسائلة القانونية تحت سقف المادة 187 ، 188 من قانون الجزاء مواقعه قاصر حيث أن القانون لا يعتد ولا يأخذ برضاء القاصر في هذه الحالة حتى ولو كانت راضية فإن العقوبة الجنائية ستطوله لأنه يجب موافقة وليها وإلا اعتبرت جريمة مواقعه قاصر
أما في الحالة الثانية : حالة المرأة البالغة والموافقة على مواقعتها حيث تنص المادة 194 من قانون الجزاء على أنه :
كل من واقع امرأة بلغت الحادية والعشرين برضاها ولم تكن محرمة منه وضبط متلبسا بالجريمة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ولا تقل عن ستة أشهر ويحكم بالعقوبة نفسها على المرأة التي رضيت بهذا الفعل .
رأي وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بخصوص الزواج العرفي وحكمه الشرعي :
الزواج العرفي هو الزواج غير المسجل رسميا لدى السلطات المختصة في الدولة، وهو إذا استكمل أركانه وشروطه يكون صحيحا ولو لم يكن مسجلا لدى السلطات المسئولة في الدولة، لأن التسجيل ليس من شروط الزواج أصلاً، فإذا انتقص العقد أحد أركانه أو شروطه لم يصح، لا لأنه زواج عرفي، بل لأنه منتقص لأركانه وشروطه.إلا أن العلماء لا يوصون بالعقد العرفي أصلا وينهون الأزواج عنة لا لبطلانه وفساده، بل لما يترتب عليه من مخالفة لأمر ولي الأمر الذي يأمر في العقود بالتسجيل الرسمي ولما قد يترتب عليه من ضياع حقوق الزوجين والأولاد في كثير من الأحوال

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: