دراسة.. الإمارات و الكويت تتصدران دول العالم بنسبة تحويلات العاملين

تحتل الإمارات والكويت المراتب الأولى، خليجياً وعالمياً، من حيث تحويلات العاملين كنسبة من الناتج بمعدل 7.3 و%6.9 على التوالي، فيما المتوسط الخليجي العام %6.2. في المقابل، فإن تحويلات العاملين كنسبة من الناتج في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا %0.7 و%0.8 فقط ، وبلغت تحويلات العاملين في الكويت إلى بلدانهم 12 مليار دولار في 2014.

وجاء في دراسة لمعهد المحللين الماليين ان بين أسباب ارتفاع تلك النسبة، شبه انعدام فرص الاستثمار أمام الوافدين ونسبة انعدام فرص التملك أيضاً.

كتب راجو مانداجولاثور، عضو معهد المحللين الماليين المعتمدين، وعضو مؤسس لجمعية المحلليين الماليين المعتمدين في البحرين، وجمعية المحلليين الماليين المعتمدين في الكويت مقترحات لتخفيض تحويلات دول مجلس التعاون.

وقال: شهدت دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2014 تدفق أكثر من 100 مليار دولار من تحويلات العمالة الوافدة خارج أراضيها. ويقارب هذا المبلغ ما نسبته %6.2 من اجمالي الناتج المحلي لتلك الدول، وهي تكلفة كبيرة، مقارنة مع التحويلات المشابهة في الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعادل %0.7 من اجمالي ناتجها المحلي، والمملكة المتحدة، والتي تعادل %0.8 من اجمالي ناتجها المحلي. ونملذت هذه التحويلات بشكل كبير منذ عام 2010، عندما بلغت ما يقارب 50 مليار دولار.

وتسهم العديد من العوامل في وجود هذا النمط من التحويلات، كما هو مبيَّن أدناه: الانحياز للموطن الأصلي: ينتمي معظم الوافدين العاملين في منطقة الخليج إلى الهند ومصر والفلبين وبنغلادش وباكستان وأندونيسيا وسريلانكا واليمن. وكثيراً ما تعمل أعداد كبيرة من أبناء تلك الدول في وظائف منخفضة الأجور تضطرهم لترك عائلاتهم في بلدانهم الأصلية لتوفير المال الكافي لإعالتهم.

سوق مغلق: تفرض دول مجلس التعاون الخليجي قيوداً على ما يحق للأجانب امتلاكه والاستثمار فيه، ما يحد من الفرص الاستثمارية المتاحة للوافدين. ورغم أن بعض الأسواق الخليجية أمثال دبي والبحرين قد انفتحت على المستثمرين الأجانب، فإن أبواب معظمها لا تزال موصدة أمامهم.

غياب الضرائب: لا تفرض دول مجلس التعاون الخليجي ضرائب دخل على الرواتب التي يتقاضاها الوافدون، ما يشكل حافزاً كبيراً يستقطب أولئك الوافدين للعمل فيها. إلا أن النموذج الذي تتبعه دول أخرى أمثال الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة التي تفرض ضرائب على جميع سكانها، وتوفر لهم ضمانات اجتماعية، يعزز في الواقع «عامل المشاركة»، ويحفز أولئك السكان على الاستثمار في الأسواق المحلية. وحيث إن الضرائب تخفض الكتلة النقدية المتاحة للادخار، فهي تخفض في الوقت نفسه الكتلة النقدية المتاحة للتحويل إلى الخارج. وهكذا نرى أن غياب ضرائب الدخل يشجع بشكل كبير تحويل الأموال إلى خارج دول مجلس التعاون الخليجي.

قوانين عمل صارمة: يحق للوافدين العمل في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مشروع لمدة طويلة من الزمن، ولكن لا يحق لهم الحصول على جنسيات تلك الدول، في حين أن فرص حصول الوافدين العاملين في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة على الجنسية مرتفعة. ويشجع غياب إمكانية حصول الوافدين العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي على الجنسية، على تركيز استثماراتهم في مواطنهم الأصلية.

وتمثل التحويلات فرصة ضائعة هائلة على دول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت الذي تتمتع فيه تلك الدول بسيولة نقدية عالية نتيجة ارتفاع عائداتها النفطية، فإن ذلك الاعتماد الكبير على تلك العائدات ليس مضمون النتائج أو مرغوباً.

وأعتقد أن ما سوف أقدمه أدناه من مقترحات يتيح لدول مجلس التعاون الخليجي تخفيض معدلات نمو التحويلات، وتدفقها إلى الخارج:

 تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير على العمالة الوافدة بسبب ضخامة أحجام اقتصاداتها التي تتطلب أعداداً كبيرة من العمالة من جهة، ونقص العمالة الماهرة في صفوف مواطنيها من جهة أخرى. وتشكل العمالة الوافدة ما نسبته %49 من اجمالي عدد سكان تلك الدول، في الوقت الذي تعمل فيه نسبة كبيرة من مواطنيها في القطاع العام، ويعود سببه في معظم الأحيان إلى طبيعة عملية توزيع الثروة، وليس الحاجة الفعلية للعمالة في ذلك القطاع. ويشير هذا الوضع إلى وجود حاجة مُل.حَّة لاستحداث فرص عمل تتيح للمواطنين الحصول على عمل والاحتفاظ به، ما سوف يخفض معدلات البطالة المحلية ويقلب موازين القوى العاملة لمصلحة المواطنين على المدى الطويل، وهو ما قد يسهم في تخفيض أعداد الوافدين وحجم تحويلاتهم النقدية.

تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي تحفيز الاستثمارات المحلية للوافدين من خلال طرح منتجات استثمارية تلبي احتياجاتهم. وسوف يتيح ذلك لدول المجلس الاستفادة من مدخرات 25 مليون وافد يقيمون فيها، وزيادة عائداتها الاستثمارية.

تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي الشروع في فتح أسواقها أمام المستثمرين الأجانب عموماً، والوافدين منهم بصفة خاصة. ويشكل السوق العقاري مثالاً ممتازاً للفرص الاستثمارية غير المستغلة. ويجب التفريق بين استثمارات الوافدين واستثمارات الأجانب، حيث إن استثمارات الوافدين تشكل مصدراً استثمارياً أكثر استقراراً نظراً لطول مدد إقامتهم في دول المنطقة. وتتمثل أبرز العقبات في هذا السياق في الوصول إلى العمالة الوافدة منخفضة الأجور التي تشكل مصدر الجانب الأكبر من التحويلات. ويستطيع أرباب العمل اعتماد استراتيجية مشاركة (مشابهة لنموذج 401k) للاستفادة من موارد هذه الشريحة من العمالة الوافدة.

يجب على دول مجلس التعاون الخليجي بذل قصارى جهودها لتحسين بناها التحتية، بما فيها المطارات والطرق والسكك الحديدية، لكي تتمكن من توفير أنماط حياة متطورة باستمرار. ويستطيع مثل هذا التحرك استقطاب مجموعات جديدة من الوافدين الذين يشكل تطور البنى التحتية عامل جذب مهم في نظرهم. ويجب على دول المجلس تطوير قطاعي الرعاية الصحية والتعليم، ليصبحا الأفضل في فئتيهما، بما يكفل إقناع الوافدين بالعمل والإقامة فيها مع أفراد عائلاتهم.

ختاماً، تمثل التحويلات فرصة ممتازة لدول المجلس تتيح لحكوماتها وقف وعكس اتجاه التدفقات النقدية إلى خارج حدودها. ويخدم تخفيض بعض تلك التحويلات على الأقل عبر توفير حوافز وفرص استثمار مناسبة، مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي على المدى الطويل.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: