الكاتب: د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد يكتب عن العَشر» و«الأقصى» والعَلَم

تتزاحم الأحداث وكل حدث حقه أن يذكر، ولكن هناك أولويات، فعشرُ ذي الحجة أحق بالتقديم؛ لأنه الزمن الذي نعيشه بفضل الله تعالى، نكسب فيه الأجر العظيم بالأعمال الصالحة التي نتقرب بها إلى الله تعالى زلفى، ونضرع إليه بقبولها حتى ننال الأجر الذي أشار إليه المصطفى، صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
فالعمل الصالح بعمومه، صلاةً أو صياماً أو صدقة أو ذكراً أو قراءة قرآن أو علماً، كل ذلك ذو فضل عظيم، لا يدرك مثله إلا في هذا الزمان، إلا أن أولئك الذين هم في ساحة الوغى، هم أعظم أجراً وأكبر منزلة عند الله تعالى «إلا من عُقر جواده وأُهريق دمه»، وذكر الله تعالى أهم عمل فيها بقوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، «فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد»، لاسيما عند رؤية بهيمة الأنعام.

أما «الأقصى» فقد فرض نفسه ونحن في غمرة الأحداث التي تذرف العيون، وتدمي القلوب، فذكَّرنا بحاله أسيراً، وحاله مغتصباً، وحاله مُنتَهكاً، وكأن الله تعالى جعل أولئك القطعان المغضوب عليهم يدنسونه؛ ليحرك مشاعر المليار ونصف المليار من المسلمين في هذه الأيام، ليذكروه بالدعاء، إن لم تجُد مهجهم لحمايته، فلا أقل من أن تجود حناجرهم ودموعهم بالدعاء له بالخلاص من هذا الأسر الكبير الذي لايزال يرزح تحت قيوده، ولعلهم يذكرون حق إخوانهم المقادسة في العون والمدد المادي والمعنوي، بعد أن أنستهم الأحداث حالهم.

وإذا كان الذكر أفضل الأعمال في هذه الأيام فلنجعل ذكرنا دعاءً لهم بالنصر والثبات، كدعائنا لجنودنا البواسل في خطوط التماس، فهذا أقلُّ القليل الممكن بذله، ولعله يكون كبيراً عند الله تعالى بأثره ونصره.

وأما العَلم الذي هو رمز العز والفَخار، ورمز الدولة الحانية الحامية، فشأنُه أن يرفع خفَّاقاً فوق الرؤوس، ويُحمى بالصدور والنفوس، وليس رمزاً فقط، بل هو دولة، وهو أمة، وهو الشعب، ولقد كان المصطفى، صلى الله عليه وسلم، لا يبعث سريَّة ولا يقود جيشاً إلا عقد العَلَم للقائد أو الرائد الذي يحميه بكَلْكَلِه، ولقد كان لِحَملَة العلم يوم «مؤتة» حديث وأي حديث! يتعين أن يكون درساً لحماية العلم ورفعته، فلنجعل علم دولة الإمارات عالياً خفاقاً، لا تحركه إلا الرياح ليزداد نضارة وبهجة.

 

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: