الكاتب - محمود زيدان

محمود زيدان يكتب : المسلمون .. وأخلاق النبي !

اتابع تلك الهجمة الشرسة التي يشنها البعض على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فى عالمنا العربي والإسلامي بتوجس كبير وذلك لأن النقد لشخصة فاق كل التوقعات بل وشاهدت البعض ينشر تاريخه المشين فى فترة المراهقة وكيف كان على علاقة غرامية بزوجته الحالية قبل الزواج وهو طالبا فى المدرسة ووصفه البعض بأوصاف غير لائقة وذلك فى رد فعل عنيف على تصريحاته التى اعتبرها البعض مسيئة للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – فى حين يراها البعض استغلالا سياسيا وتوظيفا محليا لصالح تيارا داخل الدولة الفرنسية يري شرا فى تغلغل الجماعات المتأسلمة مثل الإخوان وغيرهم بدعم وتمويل قطرى وتركى حيث يقود ماكرون حملة مضادة لتلك الجماعات بمحاصرة تلك الجماعات التى تستغل وجود ٦ ملايين مسلم فى فرنسا لاستقطابهم واستغلالهم سياسيا فى دعم مشروع الإخوان فى أوروبا. 

وبعيدا عن الاستخدام السياسي لتلك التصريحات فإنها لم تكن الأولي بحق نبينا الكريم ولن تكون الأخيرة وذلك لأنه – صلى الله عليه وسلم – هوجم وحوصر ونال الأذى منذ حمل الرسالة الكريمة وكان أقرب الناس إليه هم أشدهم أذى وشرا له لكن الله كتب له النجاح والنجاة وكتب لرسالته الخلود وظل الإسلام دين الرحمة والسلام للعالمين.
وبعد كل ما سمعت وقرأت من ردود أفعال غاضبة على السوشيال ميديا من رد فعل الرئيس الفرنسي تعجبت كثيرا على أحوالنا فهذا الرجل نال تصفيقا وتحية وكأنه المنقذ والمخلص لنا منذ أسابيع قليلة بعد تفجير ميناء بيروت بل شطح البعض وطالبوه بأعلان الوصاية على لبنان وانقاذها من مصير مجهول وكنت أرى ومعي كثيرين بأن الاخوة فى لبنان بالغوا فى حب الرجل بردة فعلهم وهو ما دفعهم لإعلان تلك الآراء الشاذة بمطالبة الدولة الفرنسية الوصاية على لبنان.
ولم تفاجئنى بالطبع ردة الفعل الغاضبة وكل تلك الهجمات وكأننا فى معركة للمزايدة بشأن مواجهة حربا طاحنة على الدين الإسلامي و التى دفعت الكثيرين إلى تغيير البروفايل على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعى برسائل دعم للنبي والإسلام وكأن من لم يفعل خرج عن الملة بل وطالب البعض ودعا ونشر صورا من الحملات المدبرة لمقاطعة المنتجات الفرنسية فى العالم العربي والإسلامي.
لا أبرئ التوظيف السياسي بالطبع للازمة الحالية بل وأستطيع أن أشتم رائحة قطر وتركيا وتنظيم الإخوان خلال كلمات المقاطعة وتوجيه الناس إلى فكرة واحدة مفادها أن النظام الفرنسي يعادى الإسلام والمسلمين وبالطبع يجب أن نتسائل جميعا .. لماذا لم ينتفض ٦ ملايين مسلم فى فرنسا بتظاهرات ضد ماكرون ؟ ولماذا لم يحرك المسلمون فى أوروبا أنفسهم لمواجهة تلك الهجمة الشرسة – كما يراها البعض – على الإسلام.
ولكل صاحب عقل أستطيع أن أقول إنما يبقى ويقوى الإسلام بنصرة أصحابه وبالطبع لن تؤثر تصريحات أحد أيا كان فى الإسلام مادام المسلمون متمسكون بدينهم الصحيح وسنة نبيهم الكريم وإلا كيف انتشر الإسلام ومازال فى مشارق الأرض ومغاربها حتى بعد وفاة النبي وانتهاء عصور الفتوحات الإسلامية ومازال الإسلام يتغلغل فى كل المجتمعات بالتعاليم السمحة والخير والسلام والرحمة والنور .
ولعل البعض يتسائل لماذا كل هذه الصورة السلبية عن الإسلام رغم كل ما به من رحمة ونور وهداية للناس ؟ ولهؤلاء أقول إن الجماعات المتطرفة صدرت صورة سيئة للدين وتفرغنا للصراعات والحروب على حساب التعاون والسلام فاسلامنا حائر بين السنة والشيعة وجماعة الإخوان وتنظيم القاعدة بين هو ضحية بين جماعة داعش التى أطلقت على نفسها تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد الشام والعراق .. ومازال الإسلام ضحية المسلمون فى أوروبا الذين يرون أن مواجهة منع النقاب هو الجهاد بعينه لنشر الدين .
ولجميع المسلمين اتسائل ماذا لديك من أخلاق النبي لمواجهة المسيئين له ؟.. وهل لو كان النبي بيننا لكان وجه كل تلك الشتائم ونال ممن سبوه مثلما يفعل البعض؟ لا أظن أن النبى الكريم كان مثلنا .. وذلك لأنه قدم الرحمة على العنف وقدم السلام على الحرب بل كانت دعوته رحمة للعالمين .. وقد قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.. وكان أمر الله له وجادلهم بالتي هي أحسن.. واعرض عن الجاهلين..وامتدحه المولى عز وجل قائلا: وانك لعلى خلق عظيم .. إن جوهر التمسك بسنة النبي هو التمسك بخلقه واخلاقه فى التعامل بالحسنى وحسن الظن بالناس والتعاون واحترام الكبير والعطف على الصغير بل من خلقه الكرم والجود والشجاعة فى الحق ونصرة المظلوم وبر الوالدين والتراحم بيننا والصدق والأمانة فقد كانوا يطلقون عليه الصادق الأمين.. فقد كان نبينا رحيما بالحيوانات والنباتات قبل البشر .
وبحلول ذكرى مولده الكريم لا يسعنى إلا ذكر كلمات رائعة فى مدح أخلاقه قالها أمير الشعراء أحمد شوقى
زَانَتْكَ فِي الخُلُقِ العَظِيمِ شَمَائِلٌ يُغَرَى بِهِنَّ وَيُولَعُ الكُرُمَاءُ ..
وَالحُسْنُ مِنْ كَرَمِ الوُجُوهِ وَخَيْرُهُ مَا أُوتِيَ القُوَّادُ وَالزُّعَمَاءُ..
فَإِذَا سَخَوْتَ بَلَغْتَ بِالجُودِ المَدَى وَفَعَلْتَ مَا لاَ تَفْعَلُ الأَنْوَاءُ..
وَإِذَا عَفَوْتَ فَقَادِرًا وَمُقَدَّرًا لاَ يَسْتَهِينُ بِعَفْوِكَ الجُهَلاَءُ..
وَإِذَا رَحِمْتَ فَأَنْتَ أُمٌّ أَوْ أَبٌ هَذَانِ فِي الدُّنْيَا هُمَا الرُّحَمَاءُ..
وَإِذَا غَضِبْتَ فَإِنَّمَا هِيَ غَضْبَةٌ فِي الحَقِّ لاَ ضِغْنٌ وَلاَ بَغْضَاءُ..
وَإِذَا رَضِيتَ فَذَاكَ فِي مَرْضَاتِهِ وَرِضَا الكَثِيرِ تَحَلُّمٌ وَرِيَاءُ..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: