كيف تحول بيكيه إلى مكروه اسبانيا الأول؟

أداء ثابت ونتيجة مطمئنة .. المنتخب الإسباني يعود إلى الفورمة ويقترب من نهائيات كأس أوروبا 2016 لكرة القدم، الفوز على سلوفاكيا رد الإعتبار له بعد الخسارة أمامه خارج الديار، التشكيلة مليئة بالمواهب التي تسير على درب الألق مجددا، ورغم كل هذا يبحث الجمهور عن سبب لإطلاق صافرات الإستهجان.

نسي الحضور في ملعب (لا كارتوخا) السبت أن المنتخب الإسباني استعاد عافيته، وتجاهل أن البرازيلي الاصل دييغو كوستا يواصل صيامه عن التهديف، ولم يبحث عن أي مبررات قبل أن يكيل بالهتافات المعادية لقلب الدفاع جيرار بيكيه.

خلال المباراة، كان بيكيه كغيره من زملائه يقوم بدوره على أكمل وجه، وقال مدربه فيسنتي دل بوسكي أنه قدم مباراة جيدة، لكن أسبابا عديدة تدفع جمهور الكرة الإسبانية لانتقاده أينما ذهب، وكأنه لا يطيق رؤيته على أرض الملعب.

بيكيه بالنسبة لجمهور الكرة الإسبانية جدل دائم لا ينتهي، سواء لمس الكرة أو ابتعد عنها فإنه يبقى المكروه الأول في كرة بلاده، وحتى قسم كبير من جمهور برشلونة يتمنى ابتعاده عن صفوف الفريق.

مشاعر الكراهية تجاه المدافع الطويل القامة تزداد يوما بعد يوم، وحتى استعادته جزء من مستواه خلال الموسم الماضي لم يشفع له أمام جمهور اعتاد على لاعبين يتميزون بشخصية هادئة وحياة بسيطة بعيدة عن الصخب.

تعود العلاقة المتردية بين الطرفين إلى أكثر من 10 أعوام مضت، كان بيكيه حينها مدافعا ناشئا يشق طريقه في أكاديمية “لاماسيا” برفقة صديقه المقرب سيسك فابريغاس، قبل أن يلمحه كشافو السير أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد، فانتقل بيكيه إلى الشياطين الحمر رغم معارضة النادي، وهو الأمر ذاته الذي حدث مع فابريغاس عندما وقع عقدا مع أرسنال.

في مانشستر يونايتد، اكتشف بيكيه حياة محترفي كرة القدم، لعب إلى جانب شاب برتغالي صاخب اسمه كريستيانو رونالدو، وزامل عمالقة معروفين بقوة الشخصية أمثال روي كين وبول سكولز ورايان غيغز وغاري نيفيل، حصل الإسباني على فرص نادرة للعب مع الفريق الأول، ولم يقو على مجاراة لاعبين آخرين تمتعوا بقوة ذهنية أكبر.

حصل بيكيه على فرصته عندما تمت إعارته إلى ريال سرقسطة، تألق بشدة ولعب دورا جديدا كمدافع أوسط بعدما اعتاد اللعب تحت إدارة فيرغسون ظهيرا على الأطراف، انتبه برشلونة لأدائه المتطور وقرر استعادة خدماته وضمه للفريق الأول تحت قيادة المدرب بيب غوارديولا.

وبسرعة، أطلق بيكيه عنان قدراته، برز كمدافع قوي وصلد وشكل ثنائيا يصعب قهره مع القائد كارليس بويول، وحصد السداسية التي سيذكرها التاريخ طويلا في موسم 2008/2009.

بعد عام واحد فقط، دون بيكيه اسمه في سجلات التاريخ كغيره من نجوم برشلونة، وفاز مع المنتخب الإسباني بكأس العالم في جنوب افريقيا، إلى جانب ذلك، وتعرف على المغنية الكولومبية شاكيرا التي أصبحت فيما بعد رفيقة دربه وأم طفليه.

من الناحية الفردية، توقفت ساعة بيكيه منذ ذلك الحين، ولم يظهر بنفس المستوى الذي عرف عنه رغم فوز برشلونة بلقب أوروبي آخر، بداء بطيئا ومشتتا، وتساءل جمهور الفريق الكاتالوني عما يحدث له.

مرت الأيام وتواصل تدهور أداء بيكيه، ووجهت له الجمهور أصابع اللوم على تدني مستوى برشلونة في موسمه الأخير مع غوارديولا، وطالب البعض بإبعاده عن التشكيل الأساسي.

اقترب بويول من إعلان اعتزاله، فرأى البعض أن لاعبا مثل بيكيه لا يمكنه القيام بدور قيادي في الخط الخلفي، ليلجأ برشلونة إلى تثبيت الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو في قلب الدفاع، لاعب ليفربول السابق لم يجد مهمته الجديدة سهلة، توجب عليه الإعتياد على موقع جديد بعد أعوام من التألق كلاعب وسط متأخر، والأهم أنه غامر بمسؤولية تغطية عثرات بيكيه التي تكاد لا تتوقف، فكانت النتيجة ابتعاد برشلونة عن المنصة الأوروبية.

حصد بيكيه لقبا جديدا مع اسبانيا في كأس أوروبا 2012، لكنه لم يلفت الأنظار على الصعيد الشخصي، وامتدح النقاد أداء سيرجيو راموس ويوردي ألبا، ولم يلتفتوا لما قدمه بيكيه، شعر البعض بأنه مظلوم ويحتاج لمساندة عاطفية، لكن قليلون فقط أنكروا الحال الحقيقي لمستواه الفني.

تحول بيكيه إلى شخصية مستفزة، هاجم ريال مدريد في مناسبات عدة من خلال تصريحات معادية أو ساخرة، كما أنه تمسك برأيه حول أحقية إقليم كاتالونيا في الإستقلال عن المملكة الإسبانية، وهو الأمر الذي زاد الطين بلة فيما يرتبط بعلاقته مع الجمهور.

موسم 2013/2014 كان أسوأ مواسمه على الإطلاق، أخطاء بالجملة أطاحب ببرشلونة في مباريات عدة، وجعلت من الصعب على جمهور الفريق تقبل حقيقة وجوده على أرض الملعب، وفي مناسبات أخرى ظهر كثير الشكوى وصعب المراس، ما أدى لتعرضه لعقوبات عدة.

تحسن الأمر خلال مجريات الموسم الماضي رغم أنه اقترب كثيرا من ملازمة دكة البدلاء في الموسم الأول للمدرب لويس انريكي، عدم شفاء المدافع الجديد توماس فيرمايلين وسوء التفاهم الفني بين ماسكيرانو والفرنسي جيريمي ماثيو وضعا بيكيه ضمن المخططات مجددا، استغل الفرصة دون تردد واستعاد رباطة جأشه وساهم في فوز الـ”بلاوغرانا” باللقب الأوروبي.

وما أن بدأ الموسم الجديد، حتى عاد بيكيه لدائرة الضوء، أداء كارثي أمام اشبيلية في مباراة كأس السوبر الأوروبي وضعه في دارة الإنتقادات مجددا، ثم قصم ظهر البعير عندما اعترض بقسوة على أحد قرارات الحكم ليتم طرده من ذهاب كأس السوبر الإسباني، الأمر الذي أبعده عن بداية الموسم.

فاز برشلونة في أول مباراتين له بالدوري، ولعب فيرمايلين مكان بيكيه بجانب ماسكيرانو، وتشير الإحصائيات إلى أنه كان أفضل لاعبي الفريق، بل قاده للفوز بإحرازه هدف المباراة الوحيد أمام ملقة.

أراد بيكيه من مباراة سلوفاكيا تذكير انريكي أنه مايزال موجودا، نجح لدرجة ما في مهمته، لكن الجمهور لم يرحمه وهاجمه في كل مرة يلمس بها الكرة، وكأنه لا يوجد مخطئ في اسبانيا سواه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: