الخريف العربي.. يزحف إلى لبنان : بقلم هيام دربك

لبنان الجميل …. رمز الحب … والسلام ….. لبنان الجميل الذي يمتاز أهله بالبشاشة …. وحب الحياة … لبنان الجميل الذي هو قبلة من يحبون ومن يعشقون الجمال و الهدوء و الصفاء و السكينة …. لبنان الجميل الذي حباه الله موقعا فريدا و جوا لطيفا بديعا … و طبيعة خلابة … و شعبا مؤدبا راقيا مضيافا كريما … هذا البلد الجميل يتعرض الآن لخطر التمزق والانقسام … فقد وصلته أخيرا حمى ما يسمى زورا وافكا وبهتانا بالربيع العرب… و هو في الحقيقة خريف عربي بصناعة أمريكية و مباركة أوربية .. وبتدبير شيطاني صهيوني ….

ومنذ عام 2011م ومنطقتنا العربية بأسرها تتعرض لآثار وتوابع زلزال مدمر .. زلزال سياسي لم تشهد بلداننا العربية مثيلا له منذ مؤامرة سايكس بيكو الشهيرة …. زلزال ظاهره ( ربيع ) وباطنه وحقيقته ( خريف ) انساق خلف سرابه وأوهامه كثير من الشبان المتحمسين وهم لا يدركون أن هناك ما يحاك لهم من سوء ومن شر مستطير في مراكز صنع القرار العالمية .. ودهاليز أجهزة الاستخبارات العالمية التي عملت على تجزئة المجزأ …. وتقسيم المقسم …. مراكز الشر العالمية التي لم ترد بنا ولا بمنطقتنا العربية ولا لشعوبنا الطيبة النقية خيرا …. من أجل أن تبقى لإسرائيل وحلفائها اليد الطولى في المنطقة لتتحكم في شعوبها .. وتستولي على ثرواتها … وتقضي على أحلامها …
ونحن هنا لا نفضل أن نستخدم نظرية المؤامرة كشماعة نلجأ إليها كلما أردنا تفسير أي موضوع يستعصي علينا فهمه أو إدراكه .. أو حتى الهروب من مواجهته … خصوصا وأنه يوجد بيننا من يروج ويظن ويتهم بأننا شعوب تدمن ما يسمى بالمؤامرة ….
ومن خلال قراءتنا المتأنية لواقعنا المرير الذي نعيشه الآن … والذي بدأت مرارته منذ أطلقت السيدة كونداليزا رايس نبوءتها المشؤومة .. المشبوهة … على ما أسمته (( الفوضى الخلاقة )) التي هي في واقع الأمر والحال (( فوضى هدامة )) … تمهيدا لتطبيق وفرض سايكس بيكو جديد برعاية أمريكية ومباركة أوربية … وتخطيط شيطاني صهيوني … فوضى تسعى إلى زعزعة أمن واستقرار ووحدة بلداننا العربية وتشتيت الرؤية العربية المشتركة حتى وإن كانت تلك الرؤية دون المستوى المأمول أو المطلوب …
ومن يظن أننا نعيش في عالم تحكمه القوانين والتشريعات التي تصدرها المنظمات والهيئات الدولية تحت شعارات مناصرة الحقوق ومناهضة الظلم … فلينظر كل منا حوله ليرى كيف ضاعت وماعت القضية الفلسطينية (( قضية العرب الأولى قبل زلزال الفوضى )) التي ظلت أكثر من ستين عاما وما زال جرحها ينزف .. ولا أمن ولا وطن تحقق للفلسطنيين بينما الأمن والأمان كله المغتصب المعتدي الباغي … لإسرائيل … وكله بالقانون … قانون سكسونيا الأممي بحماية ورعاية وفرض منظمة الأمم المتحدة ….
مثال آخر نعيشه منذ أكثر من ثلاث سنوات كاملة … حيث يعيش شعبنا السوري مأساة إنسانية مؤلمة … شردت فيها الملايين من الأبرياء .. وهدمت مدنا وقرى وحضارات … وضاع الاستقرار الذي كان مثلا ونموذجا في سوريا قبل الأحداث .. لتنهك قواها وتنكفىء على اعقابها مثقلة بمشاكل داخلية تمزقها لصالح قوى الشر والبغي والعدوان ولتحقيق الأمن والأمان لدولة اسرائيل …. وأصبح المناخ مهيئا والمسرح معدا لتصاعد ظهور المنظمات الإرهابية وتزايد أعدادها وظهورها على السطح بعمليات تخريبية وقتل وتشريد للأبرياء …
كل ذلك يحدث في غياب الموقف العربي الموحد وعدم إجماعه على رؤية عربية موحدة لها نفس الأهداف وذلك لمواجهة هذه التحديات وإفشال تلك المخططات … ولا يفوتني هنا أن أنوه عن أن غياب الموقف العربي وانشغاله بما يجري داخل كل بلد من بلدانه هو الذي سمح لتلك المؤامرة الدنيئة أن تستمر … وتتواصل … وتتصاعد … كما حدث في سوريا .. وليبيا … واليمن … و مصر … وتونس … وأخيرا محطته الأخيرة …. لبنان …
ولعل المؤامرة الدنيئة تكتمل أركانها ومخططاتها المشبوهة بتأليب دول المنطقة على بعضها … فهذا حلف إيراني شيعي في مواجهة تحالف سني ..او هذا مسيحي في مواجهة مسلم . وهناك أيضا دور لبعص الدول العربية بالمنطقة لا ندري ولا نفهم يلعب لمصلحة من … !!؟؟
ثم أيضا … موقف تركيا .. ومحاولاتها المستمرة لإعادة الخلافة العثمانية …
وأخيرا … وليس آخرا …. لبنان الذي تجتمع على أرضه كل المتناقضات …
وكل الوان الطيف العقائدية والفكرية والسياسية … أخيرا وصلوا إليه .. هل يقصدون بذلك اكتمال حلقة النار … وتجهيز المنطقة لتطبيق قرارات وأحلام التقسيم … هل هي ساحة جديدة تشد الأنظار وتلفت الانتباه بعيدا عما يدور في العراق الذي أصبح أو كاد أن يكون أول بلد يتم إعلان تقسيمه فعلا لا قولا …. بعلم ومباركة أهله مع الأسف الشديد ….
اللهم اهدي قومنا .. واحفظ أوطاننا من كل سوء … كي تعود بلداننا العربية منظومة واحدة .. وتكتلا موحدا ليملأ الفراغ الاستراتيجي الذي أحدثناه بسببإنشغالنا بتلك الاضطرابات المصطنعة الدخيلة عليه … وسمح لدول وقوي دولية وأقليمية باستغلاله والتدخل في شئونه والتحكم في ثرواته ومقدراته وقراراته … وما يتبعه ذلك من زعزعة للأمن والاستقرار ليعود الربيع العربي (( الحقيقي )) زاهرا مزدهرا يعم سائر بلدان وطننا الحبيب …

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: