الحجاج يصلون الظهر والعصر جمعا وقصرا ويشهدون خطبة #يوم_عرفه

أدى حجاج بيت الله الحرام اليوم الأحد صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مشعر عرفات اقتداء بسنة النبي محمد كما شهدوا الاستماع لخطبة عرفة التي ألقاها الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس.
ووجه الشيخ السديس في خطبته نداء إلى قادة الأمة الإسلامية وشعوبها مشيرا إلى أن الأمة تمر اليوم بظروف صعبة تتطلب من الشعوب والقادة في الدول الإسلامية التضامن والتنسيق في المواقف والتصورات والتكامل في الجهود لمواجهة مشكلاتها وقضاياها وعلى رأسها قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك والأحداث الجارية في سوريا والعراق واليمن وغيرها.
وقال “إننا أحوج ما نكون للحوار طريقا لمناقشة قضايانا والتناصح بالخير سبيلا لتعزيز أخوتنا وإن علينا أن ندرك أن إصلاح مجتمعاتنا وحفظ أمن أمتنا ووحدتها وصيانة مقدراتها منوط بتعاون الشعوب مع قادتهم والرعايا مع رعاتهم وبالالتفاف حولهم”.
وأضاف “على القادة المسلمين أن يستشعروا عظم الأمانة والمسؤولية وأن عليهم معالجة كل ما يطرأ من مسببات الفرقة والاختلاف بالاحتواء والحوار والإنصاف ورفع الظلم عن المظلومين”.
ونبه الشيخ السديس إلى أن أمن الحرمين الشريفين وسلامة الحجاج “خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها برفع شعارات سياسية أو نعرات طائفية” محذرا من الإخلال بأمن بيت الله الحرام ومكة المكرمة وداعيا إلى تعظيم شعائره.
وأكد الشيخ السديس أن الإرهاب من أعظم ما أبتلي به العالم في العصر الحالي رافضا نسبته إلى أمة أو دين أو ثقافة أو وطن أو إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام.
كما حذر من المسارعة في التكفير ومن عواقبه الوخيمة المتمثلة في تكفير المسلمين واستباحة دمائهم المعصومة وخفر الذمم المحرمة والسعي في الأرض بالفساد تدميرا وتفجيرا وقتلا للأبرياء وترويع الآمنين من المسلمين وغير المسلمين.
وحذر الشباب من سلوك كل طريق يوصل إلى تفريق الصف واختلاف الكلمة وتمزيق الشمل مشيرا إلى تحذير النبي بشدة من تكفير “أهل القبلة”.
كما دعاهم إلى “إحاطة أنفسهم بتقوى الله في كل حين وبسلاح العلم والمعرفة والرجوع إلى علماء الأمة والأخذ عنهم بالأدلة والبراهين الواضحة”مضيفا “إن المؤمل فيهم عظيم وأن يظهروا للعالم محاسن دينهم وسماحته ورحمته وأخلاقه”.
وأكد الشيخ السديس أن “الإسلام أرسى قيمة العدل في كل نظمه وتشريعاته لأن فيه قوام البشرية وصلاحها وسعادتها وفيه خيرها وهدايتها وفلاحها ولأن به يكثر الخير ويعم النماء وتطمئن نفوس الخلق وتستقر أحوال الناس”.
وأشار إلى أن الله شرف الإنسان وأكرمه في استخلافه في الأرض مبينا أن هذا الاستخلاف قائم على أساس الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق العدل بين الناس حيث أرسل الله تعالى الرسل متتابعين لأداء هذه المهمة العظيمة وإقامة الحجة على الناس.
وأضاف “ثم بعث الله إلى البشرية سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم إمام الأنبياء وخاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام الذي أنار للناس طريقهم وأرشدهم لحقيقة التقوى والتوحيد الخالص وأنقذهم الله به من براثن الشرك وظلماته”.
ولفت الشيخ السديس إلى الله حرر بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم البشر من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق جل وعلى وفتح لهم طريق الهداية وسبل الرشاد لكي يتجهوا إلى خالقهم سبحانه ويحققوا الغاية الكبرى ويمتثلوا من الحكمة العظمى من خلقهم وهي الله توحيده بالعبادة.
وأكد أن الإسلام جاء بدين الحق الذي لا يجوز أن يرتاب فيه مسلم وهو الدين الذي لا يقبل الله دينا غيره مشيرا إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء ليحث الناس على الخير والصلاح والنجاة والفلاح.
وأشار الشيخ السديس إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن في خطبة الوداع حقوق الإنسان وحدد معالم الحريات وأسس منطلقات الكرامة الإنسانية لبني البشر حيث قال عليه الصلاة والسلام “إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”.
وذكر أن الإسلام حفظ للإنسان ضرورياته الخمس التي لا تقوم الحياة إلا بها فحرم الاعتداء على دينه ونفسه وماله وعرضه وعقله وذلك ليعيش آمنا مطمئنا يعمل لدنياه وآخرته ويعيش المجتمع كله في تماسك كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وليصلح بذلك حال الناس وتستقيم أمورهم.
وأشار الشيخ السديس إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أيضا في خطبة يوم عرفة بالمرأة المسلمة خيرا وبين حقوقها وواجباتها وما لها وما عليها مضيفا ” لقد بين الإسلام أن الناس متساوون في التكاليف حقوقا وواجبات لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى لا تفاضل بالنسب ولا تمايز في لون”.
وأكد أن الإسلام أنفرد بنظامه الاقتصادي المتميز الذي راعى فيه بين حاجات الناس البشرية ومتطلباتهم الفطرية “بتوازن ليس له نظير” مشيرا إلى أن الإسلام وضع أسسا واضحة المعالم للتعاملات المالية القائمة على الصدق والعدل والإحسان والناهية عن الظلم والجهل والغرر والغش.
وقال الشيخ السديس “إن الإسلام حرم الربا ونهى عن أكل أموال الناس بالباطل” موضحا أن “لقاعدة التكافل الإسلامي مكانة بارزة في المجتمع المسلم فهو لا يقف عند النفع المادي بل يتعداه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات مادية كانت تلك الحاجات أو معنوية” موضحا أن دائرة التكافل في الإسلام تتسع لتشمل البشر جميعا.
وأضاف “إن الإسلام يشمل أوجه البر والخير كلها وحث على بر الوالدين والإحسان إليهما ونهى عن قطيعة الرحم وجاء الوعيد الشديد على ذلك وحث على حق الجوار والجار ذي القربى والجار الجنب”.
كما أشار إلى أن الإسلام حفظ النفوس وصان الدماء وجعل من ذلك قضية من أخطر القضايا إذ نهى عن الثارات وعالج كل ما يطرى بين الأفراد من مشكلات بحدود وأشكال شرعية واضحات ومحكمات مسلمات تردع المجرمين وتأخذ على أيدي المفسدين وتقيم العدل في الأرض وأمرهم بالالتزام بتلك الأحكام العظيمة.
ولفت الشيخ السديس إلى أن الإسلام جاء بالمنهج الوسط القائم على حفظ المصالح ودرء المفاسد ودعا إلى البناء والتنمية والأخذ بكل أسباب التقدم والتطور وجمع بين الأصالة والمعاصرة.
كما أشار إلى أن الإسلام نهى عن كل مسالك الفساد والإفساد وجعل مصالح الأمة العليا فوق كل اعتبار ورتب الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة على من تجاوز تلك المصالح أو عبث بأمن الأمة واستقرارها ومقدراتها ومكتسباتها ونهى عن التعدي عليها.
وأفاد الشيخ السديس بأن الإسلام جاء بإعزاز شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لافتا إلى أن الإسلام دين المعاملة ودين الإنصاف والرحمة ودين السلوك القويم والتصرف الراشد السليم.
وأكد أن الإسلام انتشر من خلال المعاملة الحسنة المتمثلة في القيم التي أسسها واتصف بها المسلمين من العدل والإحسان والصدق والأمانة ومكارم الأخلاق منبها إلى أن القدوة الصالحة الحسنة أمر بالغ الأهمية في بناء الإسلام الأخلاقي ومنطلقاته السلوكية.
وقال الشيخ السديس “لقد رأى الناس نبيكم محمدا عليه الصلاة والسلام وهو بشر مثلهم تتمثل فيه هذه الصفات كلها فيصدقون هذه المبادئ الحية وتتحرك بذلك لها نفوسهم وتهفوا لها مشاعرهم ويتمثلونها واقعاً لحياتهم فكان عليه الصلاة والسلام خير قدوة ومعلم ومربي”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: