الكاتب - مرسي عطا الله

أى ديمقراطية نريد؟ بقلم : مرسي عطا الله

أى مجتمع يقبل بالديمقراطية منهاج عمل للممارسة السياسية ينبغى عليه أن يكون مدركا منذ بداية السير على هذا الطريق أن المعارضة حق مشروع ولكن عبر المؤسسات الديمقراطية التى انتخبها الشعب وأوكل إليها مهمة النيابة عنه فى الرفض أو القبول بالسياسات الحكومية.
ولأنه تحت مظلة الديمقراطية لا يمكن القول بوجود إجماع حول أى قضية فإن من المفترض أن يقبل الجميع بحق الاختلاف فى الرؤى دون أن يتوهم أحد مهما بلغت قوته البرلمانية أن بمقدوره أن يستبعد أحدا أو أن يقصيه من المشهد تماما!
إن الديمقراطية الصحيحة أوسع وأشمل من اختصارها فى مواجهات ومنازلات بين مختلف التيارات ولكنها باتت فى العصر الحديث اجتهاد فى الدراسات والبحوث بحثا عن حلول سياسية لأزمات اقتصادية أو اجتماعية تزيد من معاناة الناس وتتطلب اقترابا من الواقع المعاش بعيدا عن النظريات والأيديولوجيات خصوصا وأن المسافات قد تلاشت تقريبا بين اليمين واليسار.

ولعل هذا التحول فى المفهوم العالمى لأطر ومسارات الديمقراطية الحديثة هو الذى حدا بكثير من مراكز البحوث والدراسات العالمية إلى دق ناقوس الخطر حول أهمية إعادة النظر فى النظام التمثيلى بما يضمن أوسع مشاركة من كافة الفئات والتيارات فى العمل السياسى المنظم والمشروع حتى يمكن تجنب الارتداد لثقافة الحركات الاجتماعية واحتمالية بروزها على المشهد السياسى كبرلمانات موازية تؤدى إلى إضعاف الدولة وإنهاك قواها دون عائد مجزٍ وهو ما قد يدفع حتما باتجاه اتخاذ إجراءات صارمة من جانب الدولة تجنبا للفوضي.

وأتطلع ببصرى نحو المشهد المؤسف فى معظم أرجاء العالم العربى والذى يرفع فيه البعض شعارات الديمقراطية بمنهج فوضوى يحتم على الدولة المدنية لكى تحمى نفسها أن تتخذ إجراءات عقابية سابقة أو لاحقة وهو ما يصب تلقائيا فى خدمة إطالة زمن لحاق أوطاننا وشعوبنا بقطار الديمقراطية الصحيحة والحديثة.

باختصار نحن بحاجة إلى ديمقراطية تقر بحق الخلاف السياسى وترفض الصراع الاجتماعى بعيدا عن مطحنة الرأســـــمالية المتوحشـــــة أو مفرمة الاشتراكية المؤدلجة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: