المصريون ضحية الحكومة ومافيا الاسيتراد

لم تمر على المصريين حكومة مثل التى تدير شئون مصر الآن، فمنذ أن تولت زمام الأمور والأزمات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية تتلاحق على المصريين دون استثناء، ونجحت هذه الحكومة، التى يصفها الكثيرون بحكومة الأزمات، وبجدارة فى خلق أسوأ أزمة مرت بها مصر، وهى الارتفاع الجنونى للدولار، ومنه انتقلت إلى أزمتى الأرز والقمح، ولا يدرى الشعب أى أزمة تصنعها هذه الحكومة النحس خلال الأيام المقبلة، بعد أن أصبحت الراعى الرسمى لمافيا الاستيراد، فهو الحل الجاهز لها دائماً ليدفع المصريون الفقراء ثمن الخطط القاتلة اختناقاً واكتئاباً.
فمع أزمة الدولار المتصاعدة توقعنا أن تعمل الحكومة على حلها بالعمل والإنتاج وزيادة التصدير للعالم الخارجى لجذب المزيد من النقد الأجنبى للبلاد، مع الاستمرار فى سياسات تقييد الواردات لخفض، ليس فقط الاستيراد الترفيهى وغير الضرورى للبلاد، بل أيضاً لكل ما يمكن إنتاجه محلياً.. لا أن تفتح الباب على مصراعيه للاستيراد بعد ممارسات ابتزاز وضغوط التجار والمستوردين إما بتعطيش الأسواق أو بارتفاع جنونى لكل أسعار السلع.. فتضطر الحكومة إلى الاستيراد برغم جذب المحتكرين، وهى فى الأساس تعمل لمصلحة رجال المال والأعمال.. وحفنة من الأثرياء حولوا حياة الغالبية العظمى من المصريين إلى جحيم يومى، بسبب إهدار الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة فى استيراد كل شىء، حتى السلع الاستفزازية للأثرياء ولحيواناتهم الأليفة لاتزال تستورد، بينما تمارس الأغلبية العظمى من المواطنين نضالاً يومياً من أجل رغيف خبز وراتب يكفى مستلزمات حياة شديدة الشبه بمواطني أشد بلدان العالم فقراً.
وبعدما تحولت وزارة التموين، ومن قبلها وزارتا الصناعة والاستثمار، إلى وزارات للتجار والمستوردين، كان لابد من وقفة لـ�الوفد� تكشف من خلالها إلى أين تتجه مصر؟ ولصالح من تبقى، التى كانت يوماً سلة غذاء العالم، فريسة سهلة للمحتكرين وتجار الأزمات والجشعين؟

وزارة التموين تعجز عن مواجهة تجار �التعطيش�
رغم أن شهر رمضان يدق الأبواب، إلا أن وزارة التموين عجزت بكل أجهزتها عن مواجهة التجار المحتكرين الذين يتعمدون تعطيش السوق فى مخطط جهنمى يقود الأسعار للجنون.
والنتيجة أن مصر التى كانت يومًا سلة غذاء العالم تعيش اليوم على ما يقدمه الخارج لنا، وتستورد كل غذائها الضرورى، بعد أن أهملت أهم المحاصيل الاستراتيجية كالقطن والقمح والأرز والسكر والحبوب والزيوت فى دائرة اهتمام الدولة وحكوماتها المتعاقبة سوى بالكلام والتصريحات والحل جاهز هو الاستيراد لسد وحل أزمات مفتعلة دائمًا ما تؤدى بأسعار السلع إلى الجندى بسبب محتكرين ومتلاحمين من التجار والمنتجين والمستوردين.
المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، يوم الجمعة الماضى لاستعراض موقف السلع الأساسية والإجراءات التى يتم اتخاذها لضبط الأسواق استعدادًا لشهر رمضان.
وفى نموذج لها على مواجهة أى أزمة بالاستيراد الخارجى أطل علينا رئيس الوزراء وقال تم استيراد 80 ألف طن أرز من خلال هيئة السلع التموينية بزعم إفشال خطة التجار لتعطيش الأسواق والتى كانت وراء حصول الحكومة على صفر كبير فى اختبار الأرز بعد ارتفاع أسعاره بشكل جنونى ووصول سعر الكيلو فى السوبر ماركت والهايبر ماركت ومحال البقالة إلى 7 و10 جنيهات.. هذا التعطيش والذى أرجعه يحيى كساب، رئيس غرفة البقالة، باتحاد عام الغرف التجارية إلى بعض المحتكرين متهمًا إياهم بإشعال أزمة الأرز، لرفع سعره من ناحية وتهريبه للخارج للاستفادة بفارق السعر من ناحية أخرى، يشار هنا إلى أن أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية قد وعد باستيراد الأرز من الخارج عن طريق شركاته الخاصة لزيادة المعروض ومن ثم خفض الأسعار.
وهذا الانخفاض المفروض كان وراء جنون أسعار الأرز أرجعه السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء لارتفاع نسب وكميات الأرز المصدرة عما كان متفقًا عليه ومخططا له وبما لا يتجاوز حجم الفائض من حاجة السوق المحلية والمقدر تقريبًا من 400 ألف طن إلى 500 ألف طن فقط من إجمالى حجم إنتاج حوالى 4 ملايين طن وحجم استهلاك يتراوح من 3 إلى 3٫50 مليون طن سنويًا بما فيها استهلاك البطاقات التموينية وهو حوالى 30 ألف طن شهرياً.
مخطط.. سبق!
وكانت وزارة التموين على علم مسبق بمخطط المحتكرين لتعطيش سوق الأرز ورفع أسعاره بهذا الشكل الجنونى.. فمنذ الشهر الماضى أعلنت عن مناقصتين لاستيراد الأرز إلا أن هيئة السلع التموينية قامت بإلغائها نظرًا لارتفاع الأسعار المقدم، ويؤكد خبراء اقتصاديون أن سياسة وزارة التموين بشكل عام هى السبب الرئيسى فى اشتعال أزمة الأرز لتجاهلها مطالب شركات المضارب والتى أرسل العاملون بها فيما سبق خطابات استغاثة للشركة القابضة للصناعات الغذائية فى كل من كفر الشيخ والبحيرة ورشيد والغربية والدقهلية والشرقية ودمياط وبلقيس يطالبونها بالتدخل الفورى لوزير التموين لتوفير الاعتماد اللازم لشراء الأرز الشعير من الفلاحين لحساب هيئة السلع التموينية، وهناك أيضًا كارثة عدم شرائها الأرز رغم إعلانها المسبق بشراء الأرز بسعر 2100 جنيه للطن وبزيادة 50 جنيهًا علي العام الماضى مما جعل التجار يستغلون الفلاحين بعد تجاهل الوزارة لهم واشتروا الأرز بمبلغ الـ1700 جنيه للطن ومع مؤامرة تعطيش السوق ورفع أسعار الأرز بطريقة غير مسبوقة.
السيد وزير التموين يعلن عن استيراد 80 ألف طن من الخارج لتعويض غيابه من منافذ الوزارة.. هذا الارتفاع الذى توقع معه العديد من المستهلكين والبقالين ارتفاعه أكثر من ذلك ووصوله لـ11 جنيهًا للكيلو فى شهر رمضان بسبب احتفاظ كبار تجار الجملة بمئات الأطنان داخل المخازن بهدف تعطيش السوق.. ويا ليت الكارثة تقف عند هذا الحد من اللعب لصالح الاستيراد.. فقد حذرت مصادر مسئولة بوزارة الرى من أزمة مائية بسبب زيادة مساحات الأرز المخالفة والتى تسببت فى انخفاض منسوب المياه بالمصارف العمومية، تلك المخالفات الناجمة عن عدم التزام المزارعين بمناطق زراعة الأرز المصرح بها.. طمعًا فى زيادة سعر الأرز التى حدثت بشكل كبير وغير مسبوق وأوجدت أزمة الأرز.
احتكار المحصول
تلك الأزمة الذى يرجعها للتجار الدكتور سعد شبل، رئيس قسم الأرز بمركز البحوث الزراعية، التابع لوزارة الزراعة بعد احتكارهم لمحصول العام الماضى وحصولهم على الأرز من المزارعين بأرخص الأثمان ودون أى تدخل من الدولة وهو ما يتطلب من المسئولين التخطيط بداية من الشهر الحالى للموسم الجديد لمنع تكرار الأزمة العام المقبل، ومن ثم على الحكومة التدخل لشراء المحصول لصالح المضارب الحكومية والإعلان عن شراء الطن بسعر لا يقل عن 200 جنيه وهو سعر مجز للفلاح ويحقق هدف الدولة فى السيطرة على الأسعار.
فى المقابل، يرى رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، أن الحكومة أخطأت عندما اتجهت لاستيراد الأرز لأن الأرز موجود فى مصر لدى التجار والحكومة ترفض صرف مستحقاتهم ما اضطرهم إلى عدم توريده للحكومة ولذلك كان من الأجدى ونحن فى أحوج حالة إلى الدولار وبدلًا من الاستيراد وفاء وزارة التموين وهيئة السلع التموينية بمستحقات الموردين وحل الأزمة، خصوصًا وأننا سبق وحذرنا قبل شهرين من حدوث فجوة فى أسعار الأرز كسلعة ولم يستجب لنا أحد!
وتزامنًا مع أزمة الأرز.. كانت أزمة توريد القمح والتى تشير أيضًا إلى نية مبيتة لتدمير القمح وعدم تحقيق حلم الاكتفاء الذاتى ولحساب مافيا الاستيراد، وإلا لماذا المحصول لايزال مكدسًا بمنازل الفلاحين وأمام الجمعيات وبنك الائتمان الزراعى، رغم توجيهات رئيس الوزراء بتسيير إجراءات التسليم مع مراعاة تلك الضوابط التى وضعت لعدم تسرب القمح المستورد بعد خلطه بالأقماح المصرية.. وهو ما أكدته ضبطيات ضباط مباحث التموين فى أسيوط بعد تمكنهم من ضبط 25 طن أقماح قديمة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى بعد اكتشاف إصابتها بالسوس والحشرات المختلفة أثناء محاولة عدد من التجار والمزارعين توريدها للصوامع والشون بالمحافظة وأزمة توريد للقمح تعرض ملايين الأطنان للتلف تتم أيضًا عن شبهة تواطؤ لصالح أيضًا مستوردى القمح وبمباركة رسمية من الحكومة ممثلة فى وزارة التموين والذى حملها رسميًا الدكتور محمد سليم، عضو مجلس النواب، عن محافظة القليوبية، مسئولية التسبب فى الأزمة بشكل مباشر بعد قيامها باستيراد مليون و200 ألف طن قمح مع بداية موسم الحصاد للقمح لتضع بذلك أزمة كبيرة تمثلت فى تخزين الأقماح المستوردة بالشون وترك الأقماح المحلية مكدسة بالشوارع وبما يستلزم وفقًا لمطالبات النائب محمد سليم، سرعة تدخل المهندس شريف إسماعيل لحل أزمة القمح.. وبعدما بلغ إجمالى المساحة المزروعة بالقمح هذا الموسم على مستوى الجمهورية 3 ملايين و439 ألفًا و346 فداناً.
انخفاض نسبى
أزمة رغم انخفاض نسبى لفاتورة استيراد القمح نتيجة لتراجع أسعار الغذاء عالمياً، إلا أنها لاتزال تمثل قيمة كبيرة وضاغطة على الدولار واحتياطات البلاد من العملات الأجنبية حيث بلغت قيمة واردات مصر من القمح نحو 2. 2 مليار دولار نهاية العام الماضى 2014/2015 مقابل 2 مليار و232٫8 مليون دولار العام السابق 2013/2014 وبلغ فى الربع الأول من العام الحالى 413 مليون دولار مقابل 536٫7 مليون دولار الفترة المماثلة، وحيث كشفت دراسة حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة �الفاو� بالتعاون مع البنك الأوروبى أن مصر يمكنها خفض فاتورة وارداتها من القمح من خلال جذب استثمارات القطاع الخاص فى القطاعات المهمة من سلسلة التغذية الاستراتيجية بحيث تقوم بتحويل الحبوب التى تزرع فى أماكن أخرى إلى مواد غذائية رئيسية فى البلاد.. وأكدت الدراسة التى نشرتها الفاو على صفحتها الرسمية أن مصر لديها أكبر عدد من السكان فى العالم العربى، كما أنها تعد أكبر مستورد للقمح ويعد نصيب الفرد من استهلاك القمح فى مصر من بين أعلى المعدلات فى العالم.. ومن أهم توصيات الدراسة ضرورة توجيه المزيد من استثمارات القطاع الخاص فى مشاريع البنية التحتية اللوجيستية الرئيسية المتعلقة بالحبوب مثل المناولة فى الموانئ أو التخزين بما يسهم فى حل قضية المدة الكبيرة.
ولم تتطرق الدراسة إلى أن الاستيراد هو الحل لفجوات وأزمات مصر الغذائية.. فهل يحاول السيد وزير التموين، و وزير التجارة، أن يقرأ هذه الدراسة.

وزارة الزراعة تلعب فى الوقت الضائع

فى محاولة لها لحفظ ماء الوجه استيقظت وزارة الزراعة أخيراً، وبدأت تلعب فى الوقت الضائع بدعوتها لمزارعى القمح بضرورة التوجه إلى مراكز التجميع التابعة للجمعيات التعاونية الزراعية بعد الإعلان عن مقارها فى المناطق التى لا تتوافر بها شون قريبة لتوريد المحصول وذلك للحصول على مستحقاتهم المالية طبقاً لما حدده القرار الوزارة المشترك والضوابط المعلنة.
وطالبت الوزارة المزارعين بعدم الانسياق وراء دعوات التجار بشراء الأقماح منهم وضرورة التوجه إلى مراكز التجميع والتوريد التابعة للحكومة والاستفادة من الدعم الذى وفرته الدولة للمزارع البسيط ورفع العبء عن كاهله.
فى المقابل، هاجم طارق حسانين، رئيس غرفة صناعات الحبوب باتحاد الصناعات، القواعد والشروط التى وضعتها وزارة الزراعة لتسلم الأقماح من الفلاحين وفقاً لكشوف حصر أعدتها الوزارة والتسليم بالحيازات لأن أغلب المزارعين مستأجرون للأرض.. وبالفعل تراجعت وزارة الزراعة عن ذلك الشرط خاصة ووفقاً لرؤية طارق حسانين فإن هذه الكشوف وهمية ولن تمنع خلط القمح المستورد بالمحلى.. أما وليد دياب، نائب رئيس جمعية الطحن، ووفقاً لتصريحات نشرت له طالب وزارة الزراعة بالتمسك بتلك القواعد التى تضمن تسليم الأقماح المحلية فقط وعدم السماح بخلطها مع المستوردين بما يؤدى إلى إهدار مئات الملايين من موازنة الدولة لدعم مستوردى القمح بدلاً من الفلاحين.

خطة من ورق65مليار دولار فاتورة الاعتماد على الخارج

رغم تباهى الحكومة بأنها وضعت خطة استراتيجية لمواجهة كل هذه الأزمات، إلا أن الواقع يثبت دائماً أن خطة الحكومة تبقى على الورق فقط، ولا وجود لها فى الشارع.
فقد سبق وأعلنت الحكومة فى خطة العام الماضى (2014 – 2015) أنها تستهدف زيادة رقعة المحاصيل بنسبة 10٫7 من خلال رصدها لـ14٫6 مليار جنيه ولم يتحقق أى شىء من ذلك، وأشارت الخطة إلى أهمية تعزيز دور بنك التنمية والائتمان الزراعى فى توفير القروض الميسرة لصغار المزارعين والنظر فى إعفائهم من القروض السابقة أو تأجيل السداد مع الإعفاء من فوائد التأخير ومد المزارعين باحتياجاتهم من الأسمدة ومستلزمات الإنتاج ومصادر الطاقة لضمان انتظام الإنتاج الزراعى وتقديم أسعار مجزية للمزارعين تحفزهم لزراعة المحاصيل المستهدفة بالكميات المطلوبة مع الإعلان المسبق عن هذه الأسعار والالتزام بعدم تأخير سداد مستحقات المزارعين، ولم يتم تنفيذ أى قرار من ذلك.
وسبق أيضاً أن أعلنت الحكومة عن اتخاذ عدة تدابير وإجراءات بالتعاون مع البنك المركزى للحد من فوضى الاستيراد، ولم يشعر الناس بأى إجراءات تحد من فاتورة الاستيراد على حساب المنتج المصرى والمصانع المحلية التى أغلقت أبوابها بالضبة والمفتاح، وحسب آخر إحصاءات هناك نحو 4500 مصنع تم إغلاقها، فى حين بلغ حجم فاتورة الاستيراد إلى 78 مليار دولار، وفقاً لإحصائيات غير رسمية بينما الرسمية تقدرها بـ65 مليار دولار بالإضافة إلى 5 مليارات دولار تصرف شهرياً على سلع ترفيهية فى حين لم يتجاوز حجم الصادرات الـ17 مليار دولار.

خالد حنفى يكافئ أباطرة الاحتكار بالقرارات المتضاربة

موجة جديدة من ارتفاع الأسعار تشهدها السلع الغذائية قبل حلولها شهر رمضان أصاب الأسواق بعدم الاستقرار والناس بـ�القرف والاكتئاب�، بعد أن شعروا وأصبح السؤال مطروحاً.. لماذا هذا الغياب الواقعى للدولة وأجهزتها عن قضايا المواطن البسيط.
وهل هناك تواطؤ، كما يرى البعض من الحكومة وكبار التجار والمحتكرين والمستوردين، ويبدو أن الحكومة لا تشعر بقراراتها المنحازة دائمًا للمستوردين على حساب المصلحة العليا للبلاد، وقد تجسد ذلك فى ارتباكها وتناقضها وتراجعها على الكثير من القرارات، ومن هذه القرارات على سبيل المثال تراجعها عن قرار السماح باستيراد القطن قصير التيلة، والذى ضرب صناعة النسيج والفلاحين فى مقتل وغربت شمس القطن المصرى طويل التيلة، وبسبب تكدسه فى بيوت الفلاحين لامتناع الحكومة من استقبال كامل الإنتاج ومن ثم خسائر فادحة للفلاحين وهجرة لزراعات أخرى، وبالتبعية خفض الإنتاج وتراجع الصادرات والسبب دائمًا المستوردون الذين يستوردون كميات أكبر من الحاجة بتشجيع من الحكومة بدلًا من دعم مزارعى القطن لتبدأ سلسلة من الانهيارات المتتالية، لهذا المحصول الاستراتيجى وتدنى إنتاجه وانخفاضه من 6٫3 مليون قنطار إلى 1٫9 مليون قنطار فقط، وهو ما أدى إلى إكمال مخطط انهيار صناعة الغزل والنسيج فى مصر لصالح زيادة الاستيراد للغزول والأقطان ومن الخارج وهو ما أدى أيضًا لانخفاض بنسبة 42٪ لصادرات القطن المصرى خلال عام 2014 وبعدما تقلص مساحته المزروعة أوائل الثمانينات المليون فدان إلى 249 ألف فدان عام 2015.
ومن القطن للسكر المخطط واحد.. حيث نجح أباطرة الاستيراد فى تدمير صناعة السكر تحت سمع وبصر الدولة على حساب المنتجين، مزارعين كانوا أو الشركات الحكومية المهددة بالإفلاس بعدما أصبح حسابها مكشوفًا بالبنوك بأكثر من 6 مليارات جنيه ورغم تكدس من المخازن بأكثر من 1٫2 مليون طن سكر ولا تستطيع بيعه بسبب إغراق الأسواق المحلية بالسكر المستورد ودون النظر إلى 50 ألف عامل على سبيل المثال بشركة الدلتا لصناعة السكر التى كانت يومًا ما أهم شركة لإنتاج السكر فى الشرق الأوسط أو تشريد أكثر من 5 ملايين مواطن، وهم الفلاحون والعمال وأسرهم وغيرهم ممن يتعلق مصيرهم بهذه الصناعة الوطنية، والذى كان إنتاجها كافياً لتغطية كل البطاقات ونقاط الخبز والمجمعات لإنتاجنا 72٪ من احتياجاتنا من السكر وكنا نتعاقد مع كل شركات السكر نظير ربح من 10 إلى 12٪ نأخذه بسعر التكلفة والباقى أرباح.. ولكن بمجىء خالد حنفى وزيرًا للتموين قام بالتعاقد مع شركات السكر الخاصة وأهل الشركات الحكومية التى اكتظت مخازنها بالسكر، حتى وصل الراكد لـ4 ملايين طن، وأعلنت الشركات فى وقت ما أنها لن تتسلم القصب والبنجر من المزارعين!!
دلائل متعددة!
وبخلاف السكر، فمن الدلائل الأخرى على دعم وزير التموين للتجار.. كما يقول الدكتور نادر نورالدين، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، ومستشار وزير التموين الأسبق.. ما جاء بتصريحه الأخير فى أزمة الأرز، وكان كاشفاً للأمور عندما أعلن عن استيراده للأرز لكسر شوكة التجار المحتكرين، وهو ما يعد اعترافاً بوجود ممارسات احتكارية، وعليه تقديم بلاغ لجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار وعلى الجهاز التحقيق فى الأمر ولكنه لم يفصل رغم علمه بأن هناك 5 تجار فقط يتحكمون فى سوق الأرز فى مصر ويهربونه إلى ليبيا والسودان وسوريا ودبى.. بل وكافأ التجار بقراره لاستيراد الأرز، لأنه قال بذلك للتجار إنه سينزل لهم الأرز المحلى ويستورد من الخارج ما سوف يساهم فى توسيع عمليات التهريب.. ولذلك ولأن الأرز خارج مصر بـ350 دولارًا ووصول سعر الكيلو، لأكثر من 6 جنيهات وهو أقل جودة من المصرى عندئذ يساهم الوزير فى مساعدة التجار فى رفع أسعار الأرز المحلى لجودته العالية مما يسهم فى زيادة عملية الاحتكار.
وفى الدلائل أيضًا على دعم وزارة التموين للتجار، كما يرى الدكتور نادر ما قام به اللواء محمد أبوشادى، وزير التموين السابق، بتوقيع عقود مع الأفران بإنتاج رغيف 130 جرامًا بسعر 39 قرشًا ومع تعميم المنظومة بنقص وزن الرغيف أو رفع السعر بسبب ارتفاع أسعار الدقيق إلا أن الدكتور خالد حنفى، وزير التموين الحالى، قام بتوفير المطلبين للتجار، وهو خفض وزن الرغيف لـ90 جرامًا ورفع السعر إلى 35 قرشًا فى اليوم التالى لتوليه الوزارة.
وبالعودة مرة أخرى لقرار تصدير الأرز مقابل رسم 2000 جنيه لا يعادل مليوناً فى السوق المحلية من أزمة جعلت الحكومة تستورد الأرز وبأسعار تفوق الـ2000 جنيه للطن بكثير علاوة على شرائه بالعملة الأجنبية بالدولار، ورسم الدولة كان يدفع لها بالجنيه المصرى، نفس الوزير هو من حول المجمعات الاستهلاكية إلى سبوبة للقطاع الخاص وترويج منتجاته على حساب منتجات الشركات القابضة الوطنية وكذلك كموردين للسلع المدعمة للبطاقات التموينية مما جعل بقالى التموين لا يتسلمون أى سلع مدعمة مصدرها الشركات الوطنية.
المركز اللوجيستى!
السيد وزير التموين وحكومته منذ عام 2014 أعلن عن إنشاء المركز اللوجيستى العالمى للحبوب بدمياط على ساحل البحر المتوسط خلال عام.. فهل يعلم أن 80٪ من حجم سلع فاتورة الاستيراد من الحبوب والزيوت، فهل هذا يعنى أن المستوردين هم موردى ذاك المركز اللوجيستى، وأين هو وكيف سينفذه أم سيكون أيضًا لحساب مافيا الاستيراد، بعدما أصبحنا نعانى فجوة غذائية فى الحبوب ببركة سياسة حكومته ومن سبقوها.. وبلغة الأرقام بعدما أصبح حجم وارداتنا من الفول والعدس سنويًا تبلغ الـ2 مليار دولار وأصبحت فرنسا وكندا وأستراليا تزرع العدس حصريًا لحساب مصر.. والفول المدمس الذى كانت تحقق مصر فى زراعته الاكتفاء الذاتى وأصبح لا يسد احتياجات السوق المحلية بنسبة 20٪ فقط والباقى نستورده، بعدما خرجت محافظات الصعيد وفقًا لكلام نعيم ناشد مستورد وعضو شعبة الغلال من إنتاجه بسبب ضعف التربة الزراعية وإصابتها بالأمراض نتيجة غياب الوعى والإرشاد الزراعى لدى الفلاح رغم أن السوق المحلية تستورد سنويًا أكثر من 800 ألف طن منها 150 ألفًا تستهلك فقط خلال شهر رمضان للسحور، وبالمثل أصبح إنتاج العدس لا يمثل سوى 10٪ فقط ويتم استيراد الباقى من الخارج وبالتالى يصل إجمالى المبالغ المخصصة لاستيراد الفول والعدس لمليارين ونصف المليار دولار سنويًا، لتقترب فاتورة استيراد الحبوب بذلك من الـ7 مليارات دولار سنوياً.. وهنا تجدر الإشارة انخفاض الكميات المستوردة خلال الأشهر القليلة الماضية من الخام الحالى بنسبة 25٪ بعد إجراءات البنوك بألا تغطى سوى الاعتمادات البنكية لاستيراد القمح والدقيق والسكر بنسبة 100٪ وهو ما كان وراء تراجع الكثير من المستوردين عن عمليات الاستيراد فارتفعت أسعار هذه البقوليات التى يصنف معظمها كأهم وجبات الفقراء، ومنها العدس الذى تستورد منه ما يقرب من 300 ألف طن سنوياً.
> وتأكيدًا على تواطؤ وزارة التموين على وجه الخصوص مع التجار أنها ورغم شركاتها القابضة العديدة أعلنت عن قرب طرح مناقصة لتوريد شنطة رمضان وبالطبع سيكون فى مقدمة مكوناتها الأرز والعدس والفول وبعض منتجات القمح والياميش بمختلف أنواعه ومكوناته، وهو ما يفتح الباب مجددًا على مصراعيه لاستيراد هذه السلع الحيوية والضرورية لشنط رمضان، وكأن الشركات القابضة التابعة للوزارة غير قادرة على الإنتاج أو توفير هذه الشنطة محلياً.
كونه مستشاراً
هل كل هذا التعاون من قبل وزير التموين الحالى خالد حنفى له علاقة بوظيفته السابقة عندما كان مستشارًا لاتحاد الغرف التجارية لما قبل توليه الوزارة بيوم واحد.. وما السر وراء إصراره على دعم مافيا الاستيراد!
ولصالح من يتم استيراد سلع استفزازية تخدم فقط مصالح الأثرياء وحيواناتهم الأليفة لا تزال كبرى المحال والسلاسل التجارية تمتلئ بها من كافيار تستورده مصر بـ80 مليون دولار وجمبرى بـ238 مليون دولار وياميش وفوانيس ولحوم غزلان ونعام وأدوات جولف ونظافة وأنواع من الجبن الألمانى والتركى والفرنسى، وكل ما يندرج تحت مسمى سلع حرق دم المصريين!
وصل الفجور إلى استيراد لحوم برازيلية تحتوى على نسبة كبيرة من لحوم الخنازير وبيعها فى الأسواق المصرية للمواطنين البسطاء بأسعار تتراوح ما بين 35 و40 جنيهاً!!
ومؤخرًا، ومع الارتفاع المتعمد لأسعار الدواجن واستغلالًا مضاداً للظرف المفتعل وجدنا شعبة الثروة الداجنة وأصحاب المجازر بغرفة القاهرة التجارية، تطالب وزير الزراعة المهندس عصام فايد بفتح باب الاستيراد للبط الفرنسى، متعللين فى ذلك ضرورة عدم الانسياق وراء ضغط كبار المنتجين المحلية المحتكرين للإنتاج.. وعجبى!!
image
تراجع صادرات
فاتورة الاستيراد تتجاوز 28٫6 مليار والصادرات 9 مليارات دولار خلال 6 أشهر

الميزان التجارى
حصيلة الصادرات
البترول
أخرى
مدفوعات عن الواردات
البترول
أخرى

يوليو/ ديسمبر 2014 * (1)
– 20387٫3
12344٫4
5368٫5
6975٫9
– 32731٫7
– 7015٫7
– 25716٫0

يوليو/ ديسمبر 2014 *
– 19462٫5
9130٫2
3127٫0
6003٫2
– 28592٫7
– 5430٫3
– 23162٫4

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: