أيلول الفجر.. بقلم محمد الحمامي

نستقبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليوم وقد مضى على عمرها ستون ربيعاً جمهورياً، منذ ملحمة 62 الخالدة للإطاحة بحكم الدولة المتوكلية، تجرع الشعب اليمني قبل مجيئها ويلات التشرذم والإمامة والكهنوت تحت مطرقة التمرد والإرهاب والتمييز العنصري الفئوي بين ابناء الشعب الواحد

انقسم المجتمع الدولي آنذاك إلى مؤيد وناقم فكان من أبرز مؤيدي الحكم الإمامي هي مملكة بن سعود التي كان خوفها من المد الثوري ينتابها يوماً بعد يوم، الأمر الذي دعاها إلى تقديم الدعم على كل الصُعد للإمام البدر، ترافقها الأردن وبريطانيا في سبيل تحقيق دولته الهاشمية المزعومة بميراث آل البيت حينها، وأكذوبة اختيار الله واصطفاؤه لهذا الإمام حاكماً للشعب، أما جماعة المناهضين الأحرار فقد تمثلت في الثوار الجمهوريين إلى جانبهم الجيش المصري الوفي لقوميته بقيادة جمال عبد الناصر

في السادس والعشرين من سبتمبر 1962 ثار الشعب اليمني الحر حينها على نظام تعدت أسباب مناهضته كل الاعتبارات كان من أبرزها أنه نظام رجعي متخلف، متسلط لايؤمن بالتعايش وحرية الشعب، ولا ينفتح على العالم من أي نافذه، فكان نظاماً فئوياً بامتياز ، يحرم أبناء الشعب كل حقوقهم ويدفن كل أحلامهم خاصة وأن الأحرار من زعماء الثورة قد رأوا مدى تقدم العالم من حولهم في (مصر) و (العراق) ثم عادوا إلى أهلهم منذرين، وهذا ما أثار توجس الإمام احمد منهم خيفة من ثورتهم عليه وإحداث أي تغير يتعارض مع ممارساته الكهنوتية وخشية ان يقوم الأحرار في توعية الشعب ولفت انتباهه للحرية، بعيداً عن الانبطاح تحت خرافات القطرنة والاستماع للوالي

لقد كانت حركة (الثلايا) 1955م بمثابة صفارة إنذار لتبدد الحكم الإمامي والقضاء على الإمام أحمد شخصياً في محاولة اغتيال له في قصر (السُّخنة) التي نفذها الفدائي الحر (سعيد ذبحان) 1960م ثم تلتها مباشرة محاولة اغتيال ثانية له في مستشفى الحديدة 1961م وتوالت بعدها المحاولات إلا أنها فشلت

ثم جاء التاسع عشر من سبتمبر الثورة مبشراً بوفاة الإمام احمد بعد ان تأثر بإصابته في عملية مستشفى الحديدة تاركاً الخلافة الرجعية لولي عهده محمد البدر الذي لايقل تعنتاً وظلامية عن والده، بل هو أشد منه، مما أوجب على الأحرار إقامة ثورة جارفة لعرش البدر بقيادة المشير عبدالله السلال لتحقق النصر وإعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية في ليلة الخميس السادس والعشرين من سبتمبر الخالد 1962م

وعلى الرغم من الاعتراف الرسمي لـ 26 دولة بأحقية الثورة ومبادئها المنصفة إلا أنها واجهت معارضة خفية
لا سيما وقد جاءت لاسترداد الحقوق وقمع الكهنوت وإلغاء كل اعتبارات التمييز العنصري والطبقي بين الناس وتجريم الرق والعبودية للإمام الوالي واستبدال المملكة بالجمهورية ورفع مستوى الشعب فكرياً وثقافياً لتصنع منه مجتمعاً نيّراً يتطلع لحلم بات ينتظره على قارعة فجر أيلول

واليوم يستقبل شعبنا اليمني ذكرى هذا الإنجاز وهو ينزف دماً بعد غياب سبتمبر الفجر، مقسم إلى دويلات شتى لا تسمن ولاتغني من جوع، تحت هيمنة كهنوت خارجي وداخلي من نوع آخر يعبث بالوطن والمواطن دونما هوادة …
فهل يعود أيلول ؟؟؟

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: