«مهلًا رمضان » .. بقلم الكاتب مصطفى كمال الأمير

يحل علينا شهر رمضان كل عام ضيفاً خفيفاً لطيفاً

نرحب به آهلًا رمضان لكنه ينقضي سريعاً ونطلب منه التمهل والبقاء معنا “مهلًا رمضان”
لهذا نتمني ان تكون شهور السنة كلها رمضان
وأن تكون ايام الأسبوع كلها يوم جمعة
رمضان شهر القرآن هو الشهر التاسع في التقويم الهجري الإسلامي منذ الخليفة عمر بن الخطاب
في إشارة وحِكمَة ألهية في أنه بمثابة ميلاد سنوي جديد للمسلمين،
كما هي أعياد الميلاد أو الكريسماس لدي المسيحيين
مع ميزة فريدة خاصة في رمضان،أنه لايرتبط بموسم واحد صيفا أو شتاء، أو من فصول السنة الأربعة،
وذلك لتباين التقويم الهجري القمري مع التقويم الميلادي الشمسي ١١ يوما سنوياً.
وهذا من عدالة الله لعباده في تغير المواسم في نفس الدولة
وتباين ساعات الصيام بين الشمال والجنوب التي تقل فيه ساعات الصيام بينما تزيد كلما اتجهنا شمالاً
وبخلاف أعياد الميلاد في الغرب والمرتبطة دائما بجليد الشتاء وأسطورة بابا نويل التي خرج بشأنها تصريح لافت للغاية من بابا الفاتيكان فرانسيس الخامس حكيم روما رأس الكنيسة الكاثوليكية،
بأنها ليست من المسيحية أبدا، وأنها مجرد تقاليد موروثة ثقافيا منذ ايام الرومان،ومجرد موسم للرواج التجاري مع أعياد أخري معروفة تم اختراعها علي مدار العام.

وهناك إختلاف في توقيت عيد ميلاد السيد عيسي المسيح بين الغرب الكاثوليكي في نهاية العام
أما في الشرق ومصر وروسيا واليونان ومذهب مسيحيي الشرق الأرثوذكس فهو في أول العام
لإختلاف المذاهب المسيحية فيما بينها.

أما ساعات الصيام في رمضان فهي تزداد صيفا لطول النهار قبل آذان المغرب ومدفع الإفطار، وتتناقص في الشتاء لطول الليل للسحور قبل بزوغ الفجر،وتطول ساعات النهار في اوروبا ودول الشمال،بينما تقصر كلما اتجهنا جنوباً.

وبداية نية البدء بالصيام للشهرالكريم الركن الرابع في الإسلام مع الإعفاء من الصوم للطفل حتي البلوغ والمريض حتي الشفاء والمرأة النفساء حتي تضع حملها والحائض بتعويض أيامها لاحقا، وللمسافر لحين وصوله لبلد إقامته أو زوال سبب العذر أو الرخصة بالإفطار.

بداية شهر رمضان يحددها رؤية وظهور هلال الشهر القمري وهي نقطة خلاف بين الدول الإسلامية للتباعد الجغرافي
وأحيانا يتدخل المذهب الديني أو”السياسة”في تحديد بداية شهر رمضان المبارك.

وكان هناك حديثا مشروع قمر صناعي إسلامي لتحديد الإهلة لتوحيد بدايات الأشهر والأعياد للتقويم الهجري المعتمد رسميا فقط في السعودية وإيران،
ولا نعرف حتي الآن ماذا تم الوصول اليه في هذا الأمر الهام والحيوي للأمة الإسلامية، التي تتوحد كلها للحج في شهر ذي الحجة وهو من الأشهر الحُرُم التي يُحرَم فيها الحرب والقتال مع ذو القعدة ورجب وشهر المحرم بداية السنة الهجرية ، نسبة الي هجرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الي ( يَثرب) المدينة المنورة حاليا.

رمضان شهر القرآن لأن أول مانزل به ملاك الوحي جبريل من القرآن كانت سورة إقرأ في ليلة القدر، وهي ليلة في العشر الأواخر من رمضان وميزها الله بأنها ليلة الرحمة والمغفرة،
وخير من ألف شهر أي أكثر من متوسط عمر الإنسان بما يزيد عن83 عاما ،،

الصيام في نهار رمضان هو تدريب علي التحمل والعزيمة والصبر علي الجوع والعطش والشهوة والتخلص من العادات السيئة كالتدخين والخمر والمخدرات، وتغلق فيه ملاهي القمار والرقص بالفنادق وتقل فيه ساعات العمل والدوام، لكن تزدهر فيه خيام الشيشة والطرب والدورات الرمضانية للعب الكرة وموائد الرحمن والعزائم العائلية علي الأفطار في إعادة لصلة الرحم.
كتبت كذلك مقال عن ” سياحة الحشمة في رمضان” وذلك بتعليق السياحة الشاطئية في البحر الأحمر إحتراماً لحرمة الشهر الفضيل

وفي شهر رمضان تضاء الزينة والأنوار مع فوانيس رمضان الذي يشهد ثورة الإنسان علي نفسه أخلاقيا وسلوكيا، فيصبح أكثر صبرا وسكينة وأقل فسادا وإهمالا مع إحساس أكبر بالمساكين والفقراء والتصالح مع الله والناس
تمهيدا للذهاب لآداء رحلة فريضة الحج الي أم القري مكة المكرمة، في ميلاد جديدا للمسلم عند عودته بالحج المبرور والذنب المغفور

أما قيام ليل رمضان يكون بصلاة التراويح وصلاة التهجد والاعتكاف بالمساجد لا سيما في العشر الأواخر وتلاوة القرأن الكريم ودروس العلم.

وفيه أيضا تزداد رحلات العمرة الي مكة وزيارة مدينة الرسول والحرم النبوي لاسيما في العشر الأواخر
التي تشهد إزدحاما شديدا أقرب الي زحام موسم الحج بعد التوسعات الهائلة الجارية حاليا للحرم المكي لإستيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين للحجاج من داخل المملكة ومن مسلمي العالم بنسبة1000 /1 من سكان دول العالم الإسلامي، الذين يمثلون ربع سكان العالم حاليا منتشرين في 60 دولة إسلامية في قارات العالم الخمس،
ومن المسلمين الجُدد من أمريكا وأوروبا وأفريقيا وآسيا التي يسكنها ما يقارب الثلثين من مسلمي العالم.

فريضة الصيام هي عِبادة لله الواحد كانت مع كيفية مختلفة للصيام في الأديان السابقة علي الإسلام
الذي يتميز عنها بأنه الدين الوحيد ربما في العالم الذي يأمر أتباعه من المسلمين بالإغتسال للوضوء للصلاة خمس مرات يوميا مع غُسل الجمعة وبعد الجمَاع أو حتي الإحتلام، رغم ظهوره في جزيرة العرب في بيئة صحراوية قاحلة خالية من الأمطار أو الأنهار والبحار، وهي حكمة ألهية أخري علي الإهتمام بنظافة الجسد مع تطهير الروح والنفس بالصلاة والزكاة والصيام والحج الأركان الخمسة للإسلام مع الشهادة بالوحدانية لله ولنبينا محمد بالرسالة.

شهر رمضان أيضا، هو شهر الفتح والإنتصارات في تاريخ العرب والمسلمين فيه كان فتح مكة وقبلها كانت غزوة بدر وبعدها كان فتح الأندلس (إسبانيا) وفيه فتح المعتصم عموريه ببلاد الشام من الروم تلبية للإستغائة الشهيرة من المرأة العربية (وامعتصماه)، وفيه أيضا أنتصار جيش مصر علي التتار المغول في معركة عين جالوت.

وحديثا إنتصار العرب في 10 رمضان السادس من أكتوبر 1973 علي الدولة اليهودية إسرائيل وكيل الإحتلال الجديد في القدس قلب العرب والإسلام ثالث الحرمين وبلد الإسراء والمعراج مسري نبينا مُحمَد خاتم الأنبياء والمُرسلِين.

نحن نقدر علي التغيير للأفضل في رمضان، لكننا نعود بعده للأسوأ لعدم رغبتنا في الإصلاح..!

نحن نرتبط دائما بالسماء مثلا حركة الشمس تحدد مواقيت الصلوات الخمس للمسلمين كل يوم حسب موقعك جغرافيا .. والقمر يحدد بداية تقويمنا القمري وبداية صيام شهر رمضان وأيام الحج.

وفوق الجميع في السموات السبع رب لطيف رحيم رزاق سميع يسمع دعاءنا ويرزقنا بالمطر لخصوبة الأرض ونماءها للزراعة لإخراج الزكاة الركن الرابع في الإسلام، بما يعني أننا متصلين بالسماء دائما التي تدير حياتنا اليومية حتي إنتهاء عُمرنا وأجلنا .

يبقي علينا فقط أن نشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمد رسول الله

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

%d مدونون معجبون بهذه: